فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٤١
2017 - (إن الشمس والقمر إذا رأى أحدهما من عظمة الله تعالى شيئا) نكره للتقليل أي شيئا قليلا جدا إذ لا يطيق مخلوق النظر إلى كثير منها وإلا لفني وتلاشى (حاد عن مجراه) أي مال وعدل عن جهة جريه (فانكشف) لشدة ما غلب عليهما من الجلال قال الطبري في أحكامه وللكسوف فوائد منها ظهور التصرف في هذين الخلقين العظيمين وإزعاج القلوب الغافلة وإيقاظها وليرى الناس أنموذج القيامة وكونهما يفعل بهما ذلك ثم يعادان فيكون تنبيها على خوف المكر ورجاء العفو والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له فكيف من له ذنب، وقال الزمخشري قالوا حكمة الكسوف أنه تعالى ما خلق خلقا إلا قيض له تغييره أو تبديله ليستدل بذلك على أن له مسيرا ومبدلا ولأن النيرين يعبدان من دون الله تعالى فقضى عليهما بسلب النور عنهما لأنهما لو كانا معبودين لدفعا عن نفسهما ما يغيرهما ويدخل عليهما (ابن النجار) في التاريخ (عن أنس) بن مالك.
2018 - (إن الشهر) أي العربي الهلالي (يكون تسعة وعشرين يوما) كما يكون ثلاثين ومن ثم لو نذر شهرا معينا فكان تسعا وعشرين لم يلزمه أكثر واللام في الشهر عهدية والمعهود أنه حلف لا يدخل على بعض نسائه شهرا فمضى تسع وعشرون فدخل فقيل له فقال إن الشهر أي المحلوف عليه يكون إلخ وسبب الحلف قصة مارية وتحريم العسل في قوله تعالى * (يا أيها النبي لم تحرم) * [التحريم: 1] الآية أو أهديت له هدية فقسمها فلم ترض زينب نصيبها فزادها فلم ترض فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها قد أعمت وجهك ترد عليك أو أنهن سألنه النفقة أو غير ذلك فحلف لا يدخل عليهن وجلس في مشربة له قال الخطابي إنما لم يلزمه أكثر من ذلك لأنه كان عين الشهر وإلا فلو نذر صوم شهر بغير تعيين لزمه ثلاثون وهذا نص في الحلف على البعد من النساء قال الحرالي والشهر هو الهلال الذي شأنه أن يدور دورة من حين يهل إلى أن يهل ثانيا سواء كانت عدة أيامه تسعا وعشرين أو ثلاثين كلا العددين في صحة التسمية بالشهر واحد فهو شائع في فردين متزايدي العدد (تنبيه) قال جمع من خصائص هذه الأمة الأشهر الهلالية (خ ت عن أنس) بن مالك (ق عن أم سلمة) أم المؤمنين (م عن جابر) بن عبد الله (وعائشة) أم المؤمنين لكن لفظهما إن الشهر تسع وعشرون بحذف يكون ولا بد من تقديرها ليكون عشرين خبرها، ذكره أبو زرعة.
2019 - (إن الشياطين) جمع شيطان من شطن بعد عن الرحمة أو الصلاح، أو شاط بمعنى احترق (تغدو براياتها) أي تذهب أول النهار بألويتها وأعلامها إلى (الأسواق) أي مجامع البيع والشراء (فيدخلون) ها (مع أول داخل) إليها (ويخرجون) منها (مع آخر خارج) منها فلما كانت عادة الراية استعمالها في معركة القتال استعيرت هنا لتعارك الناس عند البيع والشراء وحلفهم الأيمان الكاذبة
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»