فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣١٦
(فاسعوا) أي اقطعوا المسافة بينهما بالمرور كما يرشد إليه قول ابن عمر رضي الله عنه في رواية كان إذا نزل من الصفا يمشي فليس المراد بالسعي العدو كما وهم وأصل السعي الإسراع في المشي حسا أو معنى ذكره الحرالي (طب عن ابن عباس) قال سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عام حج عن الرمل فذكره قال الهيثمي وفيه الفضل بن صدفة وهو ضعيف انتهى. وفي الباب حديث صحيح وهو ما رواه جمع منهم ابن المبارك من حديث منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية عن نسوة من بني عبد الدار قلن رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد إلى السعي حتى إذا بلغ زقاق بني فلان استقبل الناس فقال يا أيها الناس اسعوا إن الله قد كتب عليكم السعي قال الذهبي في التنقيح إسناده صحيح ورواه أيضا الشافعي وأحمد رضي الله عنهما لكن فيه عندهما عبد الله بن المؤمل فيه ضعف قال ابن حجر لكن إذا انضمت إلى رواية الطبراني تقوت.
1767 - (إن الله كتب الغيرة) بفتح الغين أي الحمية والأنفة (على النساء) أي حكم بوجود الغيرة فيهن على رجالهن ومن ضرائرهن فليصبرن على جهاد أنفسهن عند ثوراتها كما يصبر الرجال على جهاد الأعداء فإن لم تجاهد إحداهن نفسها وشيطانها ذهب كمال دينها وظفر بها شيطانها بتسخطها وظلمها زوجها فضرتها وربما جنت أو أهلكت نفسها فقد قالت امرأة لعمر زنيت فحدني فقال زوجها ما فعلت بل حملتها الغيرة (والجهاد على الرجال فمن صبر) القياس صبرت لكن ذكره رعاية للفظ من (منهن إيمانا واحتسابا) أي لوجه الله تعالى وطلبا للثواب (كان لها مثل أجر الشهيد) أي إنسان قتل في معركة الكفار بسبب القتال فهذه تقابل وتجبر تلك النقيصة وهي عدم قيامهن بالجهاد الذي كتب على الرجال وفيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغير بما يصدر عنها لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة وقد أخرج أبو يعلى بسند قال ابن حجر رحمه الله لا بأس به عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: إن الغيري لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه. وخرج بقوله من صبر من لم يصبر فإن أظهرت الضجر والسخط فلا أجر لها أصلا وبقوله إيمانا واحتسابا من صبرت ولم تحتسب صبرها فلا يكون لها أجر شهيد لكن لها أجر في الجملة (طب) والبزار كلاهما من حديث عبيد بن الصباح عن كامل عن أبي العلاء عن الحكم عن إبراهيم بن علقمة (عن ابن مسعود) قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت امرأة عريانة فقام إليها رجل فألقى عليها ثوبا وضمها إليه فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحسبها غيري ثم ذكره قال البزار لا نعلمه إلا من هذا الوجه وعبيد لا بأس به وكامل كوفي مشهور على أنه لم يشاركه أحد فيه انتهى. وقال الهيثمي فيه عبيد بن الصباح ضعفه أبو حاتم ووثقه البزار وبقية رجاله ثقات وقال في الميزان عبيد بن الصباح ضعفه أبو حاتم وساق هذا الخبر من مناكيره وفي اللسان أورده العقيلي في الضعفاء ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به اه‍. لكنه في الفتح عزاه للبزار وحده ورجاله ثقات لكن اختلف في عبيد بن الصباح منهم هكذا قال.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»