فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣١٣
يحققه فكان الفرج هو الموقع وفيه أن العبد لا يخلق فعل لنفسه لأنه قد يريد الزنا فلا يطاوعه الذكر ولو كان خالقا لفعله لم يعجز عما يريده مع استحكام الشهوة (ق د ن عن أبي هريرة) قال ابن حجر ورواه أحمد والطبراني أيضا.
1763 - (إن الله تبارك) تعاظم (وتعالى) تنزه عما يليق بعلا كماله (كتب الحسنات والسيئات) أي قدرهما في علمه على وفق الواقع أو أمر الحفظة بكتابتهما (ثم بين) الله تعالى (ذلك) للكتبة من الملائكة حتى عرفوه واستغنوا به عن استفساره في كل وقت كيف يكتبونه (فمن هم بحسنة) أي عقد عزمه عليها (فلم يعملها) بفتح الميم (كتبها الله تعالى) للذي هم بها أي قدرها أو أمر الحفظة بكتابتها (عنده حسنة كاملة) لا نقص فيها وإن نشأت عن مجرد الهم، والعندية للتشريف ومزيد الاعتناء سواء كان الترك لمانع أم لا، قيل ما لم يقصد الإعراض عنها جملة وإلا لم تكتب، واطلاع الملك على فعل القلب باطلاع الله تعالى أو بأن يخلق له علما يدرك به أو بأن يجد للهم بها ريحا طيبة (فإن هم بها فعملها) بكسر الميم أي الحسنة (كتبها الله) أي قدر أو أمر (عنده) تشريفا لصاحبها (عشر حسنات) لأنه أخرجها من الهم إلى ديوان العمل و * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * [الانعام: 16] وهذا أقل ما وعد به من الأضعاف (إلى سبعمائة ضعف) بكسر الضاد أي مثل وقيل مثلين (إلى أضعاف كثيرة) بحسب الزيادة في الإخلاص وصدق العزم وحضور القلب وتعدي النفع والله يضاعف لمن يشاء قال في الكشاف مضاعفة الحسنات فضل ومكافأة السيئات عدل (وإن هم بسيئة فلم يعملها) بجوارحه ولا بقلبه (كتبها الله عنده) عندية تشريف (حسنة كاملة) ذكره لئلا يظن أن كونها مجرد هم ينقص ثوابها وفي خبر مسلم الكف عن الشر صدقة (فإن هم بها فعملها) بكسر الميم (كتبها الله تعالى) عليه (سيئة واحدة) لم يعتبر مجرد الهم في جانب السيئة واعتبره في جانب الحسنة تفضلا منه سبحانه، واستثنى البعض الحرم المكي فتضاعف فيه، وفيه (ولا يهلك على الله إلا هالك) أي من أصر على السيئة وأعرض عن الحسنات ولم ينفع فيه الآيات والنذر فهو غير معذور فهو هالك أو من حتم هلاكه وسدت عليه سبل الهدى أو من غلبت آحاده وهو السيئات عشراته وهي الحسنات المضاعفة إلى أضعاف كثيرة، وأعظم بمضمون هذا الحديث من منة إذ لولاه لما دخل أحد الجنة لغلبة السيئات على الحسنات (ق عن ابن عباس) ظاهر أن كلا من الشيخين روى الكل ولا كذلك بل الجملة الأخيرة رواها مسلم فقط دون البخاري كما نبه عليه ابن حجر.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»