فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٩
الضمائر إلا بوهب إلهي وجود رحمني لمن اعتنى به من عباده وسبق له ذلك بحضرة إشهاد فعلم حين أعلم أن الألوهية أعطت هذا التقسيم وأنه من دقائق القديم فسبحان من لا فاعل سواه ولا موجود بنفسه إلا إياه * (والله خلقكم وما تعملون) * [الانعام: 149] و * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * [الأنبياء: 23] * (فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) * [الانعام: 149] تنبيه: قال بعضهم خلق الله الجنة والنار وجعلهما دارين إحداهما جهة اليمين والأخرى جهة الشمال هذه كلها خير صرف وهذه كلها شر صرف وأنزل الدين للأمر والنهي على معنى الدارين ثم خلق دار الدنيا بين الدارين فالجنة من القبر إلى أعلى عليين والنار من القبر إلى أسفل سافلين روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار فليس بعد الدنيا إلا الجنة والنار فالناس بعد الموت منهم معذب ومنهم منعم في جنة أو نار فالناس وقوف في الدنيا بين الجنة والنار حقيقة وهم لا يشعرون (م) في الإيمان بالقدر وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة كلهم (عن عائشة) قالت توفي صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا تدرين وفي رواية أو غير ذلك فذكره فنهى عن الحكم على معين بدخول الجنة فلعله قبل علمه بأن أطفال المؤمنين في الجنة قال في الزواجر وقد أخذ بعضهم من هذا الحديث أن أطفال المؤمنين لا يقطع لهم بدخول الجنة واشتد إنكار العلماء عليه في هذه المقالة الشنيعة المخالفة للقواطع والحديث ظاهره غير مراد إجماعا وإنما هو قبل أن يعلم بأنهم مقطوع لهم بالجنة وإنما الخلاف في أطفال الكفار والأصح أنهم في الجنة أيضا وظاهر صنيع المصنف أن مسلما لم يروه إلا كما ذكر والأمر بخلافه بل زاد بعد قوله ولهذه أهلا ما نصه: وهم في أصلاب آبائهم.
1742 - (إن الله تعالى) لكمال رأفته (ورضي لهذه الأمة اليسر) فيما شرعه لها من أحكام الدين ولم يشدد عليها كما شدد على الأمم الماضية (وكره لها العسر) أي لم يرده بها ولم يجعله عزيمة عليها * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) * [البقرة: 185] قال الحراني واليسر عمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم والعسر ما يجهد النفس ويضر الجسم ومن رفق الله بهذه الأمة ومعاملتها باليسر والعطف أن شرع لها ما يوافق كتابها وصرف عنها ما تختان فيه لما جبلت عليه من خلافه وهكذا حال الأمر إذا شاء أن يطيعه مأموره يأمره بالأمور التي لو ترك ودواعيه لفعلها وينهاه عن الأشياء التي لو ترك ودواعيه لتجنبها وبه يكون حفظ المأمور من المخالفة وإذا شاء أن يشدد على أمة أمرها بما جبلها على تركه ونهاها عما جبلها على فعله وهو من الآصار المجعولة على الأولين مخفف عن هذه الأمة بإجراء شرعها على وفق جبلتها فجعل لهم حظا من هواهم كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم اللهم أدر الحق معه حيث دار ولهذا كان يأمر الشجاع بالحرب ويكف الجبان حتى لا يظهر فيمن معه مخالفة إلا عن سوء طبع لا يزعه وازع الرفق وذلك قصد العلماء الربانيين في تأديب كل مريد على اللائق بحاله وجبلته (طب عن محجن) بكسر أوله وسكون المهملة وفتح الجيم (ابن الأدرع) بفتح الهمزة ودال مهملة ساكنة الأسلمي نزل البصرة واختط مسجدها قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»