فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٢
إنفاذ الأوامر ويطاع فإن التصرف والتدبير وإقامة المعدلة قبل التهئ لمراتب الاستعداد وإيداع القابل فيه من رب العباد محال فمسح الجبهة كناية عن ذلك قال الراغب والخلافة والنيابة عن الغير لغيبة المنوب عنه أو موته أو عجزه أو تشريف المستخلف وعلى الأخير استخلف الله أولياءه في الأرض (خط عن أنس) قضية صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتا عليه وهو تلبيس فاحش فإنه خرجه وأعله فقال عقبة مغيث بن عبد الله أي أحد رجاله ذاهب الحديث انتهى.
1677 - (إن الله إذا أراد أن يخلق خلقا للخلافة مسح يده على ناصيته) أي مقدم رأسه ولفظ رواية الحاكم مسح على ناصيته بيمينه (فلا تقع عليه عين) أي لا تراه عين إنسان (إلا أحبته) وفي نسخة أحبه بالتذكير على إرادة صاحبها ومن لازم محبة الخلق له امتثال أوامره وتجنب نواهيه وتمكن هيبته من القلوب وإجلاله في الصدور ثم إن بعضهم قد حمله على ظاهر هذا الخبر فحمل الخليفة على الإمام والذي عليه أهل الحقيقة أن المراد به القائم بالحجة من أهل علم الظاهر والباطن أي ظهر بأسماء الحق على تقابلها. قال ابن عطاء الله من أراد الله به كونه داعيا إليه من أوليائه فلا بد من إظهاره للعباد ثم لا بد أن يكسوه الحق كسوتين الجلالة والبهاء فالجلالة لتعظمه العباد فيقفوا على حدود الأدب ويمتثلوا أمره ونهيه ويقوموا بنصره والبهاء ليجملهم في قلوب عباده فينظرون إليهم بعين المحبة ليبعث الهمم على الانقياد إليهم * (وألقيت عليك محبة مني) * [طه: 39] ثم إن العالم وإن كان مشحونا بالعلوم والمعارف لا يقبل كلامه إلا إن أذن الله له في الكلام فإذا أذن له فيه بهت في مسامع الخلق عبارته وجلت إشارته وخرج كلامه وعليه كسوة وحلاوة ومن لم يؤذن له يخرج مكسوف الأنوار حتى أن الرجلين ليتكلمان بالكلمة الواحدة فيقبل من أحدهما ويرد على الآخر تنبيه: قال ابن عربي رضي الله عنه إذا أعطي الإنسان التحكم في العالم فهي الخلافة فإذا شاء تحكم وظهر كعبد القادر الكيلاني رضي الله عنه وإن شاء سلم وترك التصرف لربه في عباده مع التمكن منه كابن شبل رضي الله عنه إلا أن يقترن به أمر إلهي كداود عليه الصلاة والسلام فلا سبيل إلى رد الأمر وكعثمان رضي الله عنه الذي لم يخلع ثوب الخلافة حتى قتل لعلمه بما ألحق فيه ونهي المصطفى صلى الله عليه وسلم له عن ذلك وحينئذ يجب الظهور ولا يزال مؤيدا ومن لم يؤمن به فهو مخير إن ظهر ظهر بحق وإن استتر استتر بحق والستر أولى وفي هذه الدار إعلاء فمن أمر بالظهور فهو كالرسول وغيره كالنبي (ك) عن أبي بكر بن أبي دارم عن محمد بن هارون عن موسى بن عبد الله الهاشمي عن يعقوب بن جعفر عن أبيه عن أبي جعفر المنصور عن أبيه عن جده (عن ابن عباس) ثم قال الحاكم رواته هاشميون معروفون بشرف الأصل قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الأطراف إلا أن الحاكم ضعيف وهو من الحفاظ.
1678 - (إن الله تعالى إذا أنزل عاهة) أي بلاء (من السماء) أي من جهتها (على أهل الأرض) أي
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»