فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٦
والمبالغة في التجمل والنظافة والملبوس بجميع أنواعه لكن التوسط نوعا من ذلك بقصد التواضع لله تعالى أفضل من الأرفع إلا إن قصد به إظهار النعمة والشكر عليها كما اقتضاه هذا الحديث والتوسعة على العيال لكن بغير تكلف كقرض لحرمته على فقير جهل المقرض إلا إذا كان له ما يتيسر الوفاء منه إذا طولب (هب عن أبي هريرة) قال الذهبي في المهذب إسناده جيد.
1669 - (إن الله تعالى إذا رضي عن العبد أثنى) أي أعلم ملائكته فيثنون عليه ثم يقذف ذلك في قلوب أهل الأرض فيثنون (عليه بسبعة أصناف من الخير لم يعمله) يعني أنه يقدر له التوفيق لفعل الخير في المستقبل ويثني عليه به قبل صدوره منه بالفعل. قال في الكشاف في تفسير * (ولينصرن الله من ينصره) * [الحج: 40] وعن عثمان هذا والله ثناء قبل بلاء يريد أن الله قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا إلى هنا كلامه، وقال الصوفية الجناية لا تضر مع العناية، وفي تفسير البغوي أن داود عليه السلام سأل الله أن يريه الميزان فأراه كل كفة كما بين المشرق والمغرب، فقال: يا رب ومن يستطيع يملأ هذه حسنات؟ فقال: يا داود إني إذا رضيت على عبدي ملأتها بتمرة (وإذا سخط على العبد أثنى عليه بسبعة أصناف من الشر لم يعمله) هذا ينبئك بأن الثناء من الله على عبده بسريرته فيما بينه وبينه وبما قسم له بعد لأن الخلق إنما عاينوا علانية والحق يثني عليهم بما غاب عنهم وبما سيكون منه وإنما يثني عليه بأضعاف ما لم يعمله لما سيكون منه وذلك لأنه كما بين الرزق تفاوت في القسمة فكذا بين الثناء والثناء فقسمة الرزق على التدبير في الظاهر وقسمة الثناء ومقابلة على منازل العباد عند خالقهم في الباطن قال ابن أقبرس الثناء أعم من المدح والحمد ومقتضاه كونه ذكرا لسانيا كالمدح والحمد أو لسانيا وخارجيا كالشكر وكل ذلك محال عليه تعالى فالثناء منه بضرب تجوز وفيه حجة لمن قال إن الثناء استعمل في الخير والشر (تتمة): قال الدقاق رحمه الله تعالى مر بشر بجمع من الناس فقالوا هذا رجل لا ينام الليل ولا يفطر إلا في كل ثلاثة أيام مرة. فبكى وقال إني لا أذكر أني سهرت ليلة كاملة ولا صمت يوما لم أنظر من ليلته ولكن الله يلقي في القلوب أكبر مما يفعله العبد تفضلا وتكرما (حم حب) وكذا أبو يعلى (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم انتهى وقال ابن الجوزي حديث لا يصح.
1670 - (إن الله إذا قضى على عبد قضاء) أي مبرما من سعادة أو شقاوة (لم يكن لقضائه مرد) أي راد يعني ليس هم كملوك الدنيا بحال بينهم وبين بعض ما يريدونه لشفاعة أو غيرها فمن قضى له بالسعادة فهو من أهلها وبالشقاوة فمن أهلها لا راد لقضائه بالنقض ولا معقب لحكمه بالرد وهو
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»