فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
ولم يشرط الله في كتابه ذلك فخطب فنبه على تقبيح فعلهم حيث (يشترطون شروطا) جمع شرط وهو إلزام الشئ والتزامه (ليست في كتاب الله) أي في حكمه الذي كتب على عباده وشرعه لهم (ما كان من شرط ليس في كتاب الله) أي ليس في حكمه الذي يتعبد به عباده من كتاب أو سنة أو إجماع فليس المراد الفرقان لأن كون الولاء للمعتق ليس منصوصا في القرآن وقال ابن خزيمة أي ليس في حكمه جوازه أو وجوبه لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به القرآن باطل لأنه قد يشترط في البيع (فهو باطل وإن كان مائة شرط) مبالغة وتأكيدا لأن العموم في قوله ما كان من شرط إلى آخره دل على بطلان جميع الشروط وإن زاد على المائة فالعدد خرج مخرج الكثير يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت (قضاء الله) المشروط أي حكمه (أحق) باتباع من غيره يعني هو الحق لا غيره (وشرط الله أوثق) أي هو القوي وما سواه باطل واه فافعل لا تفضيل فيه في الموضعين إذ لا مشاركة بين الحق والباطل (وإنما الولاء لمن أعتق) لا إلى غيره من مشترط أو غيره فهو منفي عنه شرعا وفيه أنه لا ولاء لمن أسلم على يده رجل أو خالفه خلافا للحنفية ولا لملتقط خلافا لإسحاق (ق 4 عن عائشة) وهي قصة بريرة المشهورة.
1607 - (أما بعد) أي بعد الحمد والثناء (فما بال العامل) أراد به عبد الله بن اللتيبة بضم اللام وسكون المثناة وكسر الموحدة وياء النسب استعمله على عمل فجاء حين فرغ فقال: يا رسول الله هذا لكم وهذا أهدي لي فخطب موبخا له على تأويله الفاسد مبينا له بطلان رأيه الكاسد فقال: (نستعمله) أي نوليه عاملا (فيأتينا) عند انتهاء عمله (فيقول هذا من عملكم) أهدي إلي لخاصة نفسي (أفلا قعد) في رواية للبخاري فهلا جلس (في بيت أبيه وأمه فنظر) بضم النون ولأبي ذر بفتحها (هل يهدى له) بالبناء للمفعول (أم لا فوا الذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وتدبيره (لا يغل أحدكم) بغين معجمة مضمومة من الغلول وهي الخيانة في الغنيمة (منها) أي الصدقة (شيئا إلا جاء به يوم القيامة) حال كونه (يحمله على عنقه) * (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) * [آل عمران: 161] (إن كان بعيرا جاء به) يومها (له رغاء) بضم الراء والتخفيف ومد له صوت (وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار) بضم أوله المعجم صوت (وإن كانت شاة جاء بها تيعر) بمثناة فوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فمهملة صوت شديد (فقد بلغت) بشد اللام أي بلغت حكم الله الذي أرسلت به في هذا إليكم وبقية الحديث ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، وفيه أن الإمام يخطب في الأمر المهم واستعمال أما بعد في الخطبة ومحاسبته المؤتمن ومنع العامل من قبول الهدية ممن له عليه حكم وإبطال كل طريق يتوصل به من يأخذ المال إلى محاباة
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»