فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٧١
القرآن) لأن معاني القرآن آيلة إلى ثلاثة علوم علم التوحيد وعلم الشرائع وعلم تهذيب الأخلاق وتزكية النفس، والإخلاص تشمل على القسم الأشرف منها الذي هو كالأصل للأخيرين وهو علم التوحيد والتوحيد إثبات إلهية المعبود وتقديسه ونفي ما سواه، وقد صرحت الإخلاص بالإثبات والتقديس ولوحت إلى نفي عبادة غيره، والكافرون صرحت بالنفي ولوحت بالإثبات والتقديس وبين المرتبتين من التصريحين والتلويحين ما بين الثلث والربع قال التوربشتي: ونحن وإن سلكنا هذه المسالك بمبلغ علمنا نعتقد أن شأن ذلك على الحقيقة وإنما يتلقى عن الرسل فإن ذلك ينتهي إليه في معرفة حقائق الأشياء والكشف عن خفيات العلوم فأما القول الذي تحوم حوله على مقدار فهمنا وإن سلم من الخلل والزلل لا يتعدى عن ضرب من الاحتمال انتهى، وأخذ بعضهم بظاهر الحديث فقال: معناه إن ثواب قراءتها مضاعفة بقدر ثواب قراءة نصفه وربعه وثلثه لكن قراءة جميع القرآن له بكل حرف عشر حسنات وهذا بغير تضعيف. قال ابن حجر: وقوله بغير تضعيف لا دلالة عليه وحديث مسلم يدل للإطلاق (ت) واستغربه (ك هب عن ابن عباس) قال الحاكم صحيح وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن فيه يمان بن المغيرة ضعفوه وقد قال الترمذي لا يعرف إلا من حديثه وفي المغني هو واه بمرة وفي الميزان منكر وقال المناوي ليس الأمر كما زعم الحاكم بل ضعيف وفي الفتح فيه يمان وهو ضعيف عندهم.
660 - (إذا زنى العبد) أي أخذ في الزنا (خرج منه الإيمان) أي نوره أو كماله (فكان على رأسه كالظلة) بضم الظاء وشد اللام السحابة فلا يزول حكمه ولا يرتفع عنه اسمه ما دام فيه لأن للإيمان أنوارا في القلب وآثارا في الجوارح فيقبل عند مقارفة المعاصي ويظلم عند التلبس بالذنوب والمؤمن لا يزني إلا إذا استولى شبقه واشتعلت شهوته بحيث تغلب إيمانه وتشغله عنه فيصير في تلك الحالة كالفاقد للإيمان لا يرتفع عنه اسمه ولا يزول حكمه بل هو في كنف رعايته وظل عصمته والإيمان مظل عليه كالظلة وهي أول سحابة تظل على الأرض فإذا فرغ منه زال الشبق المعاوق عن الثبات على ما يأمره إيمانه والموجب لذهوله ونسيانه عاد الإيمان وأخذ في القوة والازدياد كما قال (فإذا أقلع) أي نزع عن المعصية وتاب منها توبة صحيحة بشروطها ومنها أن يستحل حليل المزني بها على ما قيل لكنه عليل بل القويم اغتفاره لما يترتب على أعماله به من المفاسد (رجع إليه) الإيمان أي نوره وكماله فالمسلوب اسم الإيمان المطلق لا مطلق الإيمان ولا يلزم من ثبوت جزء من الإيمان أن يسمى مؤمنا كما أن من يكون معه جزء من الفقه لا يسمى فقيها فكذا يكون معه شئ من التقوى ولا يسمى متقيا.
فالحديث على ظاهره ولا ملجئ لتأويله وأما ما هنا من المحامل كحمله على المستحل أو أنه خرج مخرج الزجر والتنفير أو على الحياء أو نزع اسم المدح فرخصة ووصف الإيمان بالخروج والدخول مجاز استعمل هنا على وجه الاستعارة والتشبيه (ه) في السنة (ك) في الإيمان (عن أبي هريرة) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي في أماليه صحيح.
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة