فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٦٨
استحق النهر وقيل ليس المراد بالسائل هنا المستجدي بل طالب العلم إذا جاء لفقهه فلا تنهره فإن كرر السؤال أولا وثانيا فإن أجبته وعاد السؤال ثالثا دل على تعنته فازجره لتعديه الأدب واقتحامه النهي الوارد في الخبر الآتي: إذا قعد أحدكم إلي أخيه فليسأله تفقها ولا يسأله تعنتا (تنبيه) أشعر قوله لا بأس أي لا كراهة أن الأولى عدم زبره لعموم قوله تعالى * (وأما السائل فلا تنهر) * ولهذا قال الحريري:
ولا تزجر ذوي سؤال * لبني أم في السؤال حتف (قط في الأفراد) عن إسماعيل الوراق عن الوليد بن الفضل عن عبد الرحمن بن حسين عن ابن جريج عن عطاء (عن ابن عباس) ثم قال الدارقطني تفرد به الوليد وهو يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة انتهى وحكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف بأن الديلمي رواه من طريق آخر (طس عن أبي هريرة) قال الهيتمي: فيه ضرار بن صرد وهو ضعيف وقال أبو حاتم صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به.
652 - (إذا ركب أحدكم الدابة فليحملها) أي فليسيرها أو فليسر بها (على ملاذه) بفتح الميم وخفة اللام وشد المعجمة بضبط المؤلف جمع ملذة بفتح الميم وهي موضع اللذة أي على ما يشتهي من نحو السرعة بحيث لا يضرها، وفي رواية ملاذها أي ليجرها في السهولة لا الحزونة وأصل اللذة سرعة المشي والذهاب (فإن الله تعالى يحمل على القوي والضعيف) أي اعتمد على الله وسير الدابة سيرا وسطا في سهولة ولا تغتر بقوتها فترتكب العسف والعنف في تسييرها فإنه لا قوة لمخلوق إلا بالله ولا ينظر إلى ضعفها فيقعد مع القاعدين ويترك الحج والجهاد إشفاقا من عدم طاقتها بل اعتمد على الله سبحانه وتعالى فهو الحامل وهو المعين (قط في الأفراد عن عمرو بن العاص) بإسناد ضعيف.
653 - (إذا ركبتم هذه الدواب) وفي نسخة البهائم (العجم) بضم فسكون (فانجوا عليها) أي أسرعوا والنجاء بالمد والقصر السرعة أي اطلبوا النجاء من مفاوزكم بسرعة السير عليها سواء كانت سنة جدب أو لا إذ الطريق يطلب الإسراع في قطعه حيث المرعى موجود والقدرة حاصلة ثم فصل أحوال السير بقوله (فإذا كانت سنة) بالتحريك أي جدباء بحيث لم يكن في طريقكم ما ترعاه لو تأنيتم (فانجوا) أي أسرعوا أي زيدوا في الإسراع بحيث لا يضرها (وعليكم بالدلجة) بالضم والفتح أي الزموا سير الليل وأولج مخففا سار من أول الليل ومشددا من آخره ومنهم من جعل الإدلاج لليل كله ولعل المراد بقوله (فإنما يطويها الله) أي لا يطوي الأرض للمسافر فيها حينئذ إلا الله عز وجل إكراما له حيث أتى بهذا الأدب الشرعي (فإن قلت) قد أمر بالنجاء على الدابة والأمر مطلق فكيف خصه بعد
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة