فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٣
* (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) * واعلم أن النووي نقل عن العلماء أن الصلاة والسلام يكره إفراد أحدهما عن الآخر وقد وقع إفراد السلام في هذا الحديث وورد إفراد الصلاة في حديث ابن السني عن أنس ولفظه كان إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صل على محمد وإذا خرج قال مثل ذلك فإفراد كل منهما في هذين الحديثين يعكر على القول بالكراهة والظاهر أن مرادهم أن محل كراهة الإفراد فيما لم يرد الإفراد فيه وأن أصل السنة تحصل بالإتيان بأحدهما وكمالها إنما يحصل بجمعهما كما ورد في حديث يأتي. - (د) وكذا النسائي (عن أبي حميد) عبد الرحمن بن سعيد الساعدي وابن ماجة عن أبي حميد أو عن أبي أسيد بن ثابت الأنصاري المدني قيل اسمه عبد الله وهو بضم الهمزة وفتح المهملة كما ضبطه المؤلف بخطه لكن في التقريب عن الدارقطني أن الصحيح فيه فتح الهمزة رمز لحسنه وعزوه لابن ماجة لا يخلو عن شوب شبهة لأن فيه حديثين لفظ أحدهما عن أبي حميد إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من فضلك انتهى. قال مغلطاي: حديث ضعيف لضعف إسماعيل بن عياش رواية الثاني عن أبي هريرة إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم اعصمني من الشيطان انتهى فإن كان اللفظ الذي عزاه له المؤلف في بعض النسخ وإلا فهو وهم.
583 - (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس) ندبا مؤكدا إذا كان متطهرا أو تطهر عن قرب (حتى يصلي) فيه (ركعتين) تحية المسجد والصارف عن الوجوب خبر هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع وأخذ بظاهره الظاهرية ثم هذا العدد لا مفهوم لأكثره اتفاقا وفي أفله خلف الصحيح اعتباره فلو قعد شرع تداركهما إن سها وقصر الزمن وكذا لو دخل زحفا أو حبوا فقوله فلا يجلس غالبي إذ القصد تعظيم المسجد ولذلك كره تركها بلا عذر ثم هذا عام خص منه داخل المسجد الحرام ومن اشتغل إمامه بفرض ومن دخل حال الإقامة وغير ذلك من الصور التي لا تشرع فيها التحية وظاهر الحديث تقديم نحية المسجد على تحية أهله وقد جاء صريحا من قوله وفعله فكان يصليها ثم يسلم على القوم. قال ابن القيم: وإنما قدم حق الحق على حق الخلق هنا عكس حقهم المالي لعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين فنظر لحاجة الآدمي وضعفه بخلاف السلام فعلى داخل المسجد ثلاث تحيات مرتبة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالتحية فالسلام على من فيه (تنبيه) قال في الفتح: قولهم تحية البيت الطواف مخصوص بغير داخل الكعبة لكون المصطفى لما دخل المسجد يوم الفتح جاء فأناخ عند البيت فدخله فصلى فيه ركعتين فكانت صلاته إما لكون الكعبة كالمسجد المستقل أو هي تحية المسجد العام. (حم ق 54 عن قتادة عن أبي هريرة) وحديث أبي قتادة ورد على سبب هو أنه دخل المسجد فوجد المصطفى صلى الله عليه وسلم جالسا بين صحبه فجلس معهم فقال: ما منعك أن تركع قال: رأيتك جالسا والناس جلوس فذكره.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة