فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٤٣٢
المحذور وأنه لو كان شابا وشاب في غير أوانه مع توفر القوى لا يلزمه إعلامها لفقد المحذور لكن قد يقال رؤية الشيب منفرة الجملة. (فر عن عائشة) ورواه عنها أيضا البيهقي وزاد بعد قوله فليعلمها لا يغرنها وفيه عيسى بن ميمون قال البيهقي ضعيف والذهبي تركوه.
581 - (إذا خفيت الخطيئة) أي استترت قال الزمخشري: خفي الشئ واختفى استتر، وبرح الخفاء وزالت الخفية فظهر الأمر وفعل ذلك في خفية وهو أخفى من الخافية وإذا حسن من المرأة خفياها حسن الباقي وهما صوتها وأثر وطئها لأن رخامة صوتها تدل على خفرها وتمكن وطئها يدل على ثقل أردافها والخطيئة اسم للخطاه على الفعلة بالكسر وهي الذنب (لا تضر إلا صاحبها) أي فاعلها لأن غيره لا يتصور أن يغير ما لم يطلع عليه فلا تقصير منه فهو معذور وأما الآية * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * وخبر أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث فهو فيمن لم يظلم ولم يشارك في فعل الخبائث لكنه اطلع ولم ينكر مع القدرة (وإذا ظهرت) أي برزت بعد الخفاء (فلم تغير) بالبناء للمجهول أي لم يغيرها الناس مع القدرة وسلامة العاقبة (ضرت العامة) أي عموم الناس فاستحقوا بذلك العقاب في هذه الدار ويوم المآب لأن إظهار المعاصي والسكوت عليها استهانة بالدين من جميع المسلمين فيستحقون العذاب لتركهم ما توجه عليهم من القيام بفرض الكفاية. قال الغزالي: فحق على من يسئ صلاته في الجامع أن ينكر عليه وأن يمنع المنفرد من الوقوف خارج الصف وينكر على من رفع رأسه قبل الإمام ويأمر بتسوية الصفوف وفيه حث عظيم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه من أهم الأمور وقد ذم الله تعالى قوما تركوا ذلك فقال * (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) * الآية. يعني لا ينهى بعضهم بعضا. (طس عن أبي هريرة) رمز لحسنه وهو غير صواب فقد أعله الهيتمي وغيره بأن فيه مروان بن سالم الغفاري متروك.
582 - (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم) ندبا مؤكدا أو وجوبا (على النبي) صلى الله عليه وسلم لأن المساجد محل الذكر والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم منه (وليقل اللهم) أي يا الله (افتح لي أبواب رحمتك) زاد في رواية الديلمي وأغلق عني أبواب سخطك وغضبك واصرف عني الشيطان ووسوسته، وابن السني بعد رحمتك وأدخلني فيها (وإذا خرج) منه (فليسلم) بعد التعوذ كما في رواية أبي داود (على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم أني أسألك من فضلك) أي من إحسانك مزيد إنعامك، وسر تخصيص ذكر الرحمة بالدخول والفضل بالخروج أن الداخل اشتغل بما يزلفه إلى الله وإلى ثوابه وجنته من العبادة فناسب أن يذكر الرحمة فإذا خرج انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله من الرزق فناسب ذكر الفضل كما قال
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة