فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٦١
277 - (أخاف على أمتي) زاد في رواية بعدي فالإضافة للتشريف (ثلاثا) أي خصالا ثلاثا. قال الزمخشري: والخوف غم يلحق الإنسان لتوقع مكروه والحزن غم يلحقه لفوت نافع أو حصول ضار (زلة عالم) أي سقطته يعني عمله بما يخالف علمه ولو مرة واحدة فإنه عظيم المفسدة لأن الناس مرتقبون لأفعاله ليقتدوا به ومن تناول شيئا وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم قاتل سخروا منه واتهموه وزاد حرصهم على ما نهاهم عنه فيقولون لولا أنه أعظم الأشياء وألذها لما استأثر به، وأفرد الزلة لندرة وقوعها منه (وجدال منافق بالقرآن) أي مناظرته به ومقابلته الحجة بالحجة لطلب المغالبة بالباطل وربما أول منه شيئا ووجهه بما يؤول إلى الوقوع في محذور فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة) * وربما غلب بزخرفته وتوجيهه العقائد الزائغة على بعض العقول القاصرة فأضلها (والتكذيب بالقدر) بالتحريك أي أن الله يقدر على عبده الخير والشر كما زعمه المعتزلة حيث أسندوا أفعال العباد إلى قدرتهم فزعموا أن أفعال العباد خيرها وشرها مسندة إلى قدرة العبد واختياره وعاكستهم الجبرية فأثبتوا التقدير لله تعالى ونفوا قدرة العبد بالكلية وكلا الفريقين من التفريط والإفراط على شفا جرف هار والصراط المستقيم والقصد القويم مذهب أهل السنة أنه لا جبر ولا تفويض إذ لا يقدر أحد أن يسقط الأصل الذي هو القدر ولا يبطل الكسب الذي هو السبب قال الطيبي: وقدم زلة العالم لأنها تسبب في الخصلتين الأخيرتين فلا يحصلان إلا من زلته ولا منافاة بين قوله هنا ثلاثا وفيما يأتي ستا وفي الخبر الآتي على الأثر ضلالة الأهواء إلى آخره لأنا إن قلنا إن مفهوم العدد غير حجة وهو ما عليه المحققون فلا إشكال وإلا فكذلك لأنه أعلم أولا بالقليل ثم بالكثير أو لأن ذلك يقع لطائفة وهذا لأخرى. - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيتمي فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف.
278 - (أخاف على أمتي من بعدي) بين به أن ذلك لا يقع في حياته فإن وجوده بين أظهرهم أمان لهم من ذلك (ثلاثا) من الخصال (ضلالة الأهواء) أي إضلال أهوية نفوسهم لهم وقد يراد بها خصوص البدع والتعصب للمذاهب الباطلة، والضلال ضد الرشاد وفي الصحاح أضله أهلكه والأهواء مفرده هوى مقصور وهو عرض نفساني ناشئ عن شهوة نفس في غير أمر الله كذا ذكره بعضهم وأوجز القاضي فقال: رأي يتبع الشهوة. وقال الراغب: والضلال أن يقصد لاعتقاد الحق أو فعل الجميل أو قول الصدق فيظن بتقصيره وسوء تصرفه فيما كان باطلا أنه حق فاعتقده أو فيما هو قبيح أنه جميل وليس بجميل ففعله أو فيما كان كذبا أنه صدق فقاله والجهل عام في كل ذلك واتباع الشهوات) جمع شهوة قال الحراني: وهي نزوع النفس إلى محبوب لا تتمالك عنه وقال في الكشاف طلب النفس اللذة (في البطون والفروج) بأن يصير الواحد كالبهيمة قد عكف همه على بطنه وفرجه لا يخطر بباله حقا ولا باطلا ولا يفكر في عاقبة أمره عاجلا ولا آجلا وأنشد بعضهم:
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة