الأذى عنه (فإنه) أي الشأن أن له تمييزا على غيره من الصحابة فإجلاله ينبغي أن يكون فوق إجلالهم إذ هو (عمي وصنو أبي) بكسر أوله المهمل أي مثله يعني أصلهما واحد فهو مثل أبي فهذا كالعلة في كون حكمهما منه في الإيذاء سواء وأن تعظيمه وإجلاله كتعظيمه وإجلاله لو كان موجودا ولا حجة فيه لمن استدل به على إيمان والدي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما لا يخفى وقد كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يعرفون العباس ذلك ويبالغون في تعظيمه ويشاورونه ويأخذون برأيه بل واستسقى به عمر غير مرة ولم يمر قط بعمر وعثمان راكبين إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له كما أخرجه ابن عبد البر وغيره وقال يوما يا رسول الله إني أتيت قوما يتحدثون فلما رأوني سكتوا وما ذاك إلا أنهم استنقلوني فقال أو قد فعلوها والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحبكم لمحبتي رواه الطبراني بإسناد صحيح. (عد وابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين وأخرجه عنه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي قال التفتازاني يعني الذي بقي من جملة آبائي قال الهيتمي وفيه من لم أعرفهم.
267 - (احفظوني في أصحابي) أي راعوا حرمتي وارقبوني فيهم واقدروهم حق قدرهم وكفوا ألسنتكم عن غمطهم أو الوقيعة فيهم بلوم أو تعنيف لبذلهم نفوسهم وإطراحها بين يدي الله تعالى في الحروب وقتالهم القريب والبعيد في ذات الله وبذلهم أموالهم وخروجهم من ديارهم وصبرهم على البلاء والجهد الذي لا يطيقه غيرهم وليس ذلك إلا عن أمر عظيم ملك البواطن وصرفها على حكم محبة الله ومحبة رسوله فاستوجبوا بذلك الرعاية وكمال العناية والإضافة للتشريف (وأصهاري) جمع صهر وهو ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج. قال الزمخشري: فلان صهر فلان لمن يتزوج بنته وقد يقال لأهل بيت الزوجين معا أصهار انتهى وقال ابن السكيت: من كان من قبل الزوج أحماء ومن قبل المرأة أختان ويجمع الصنفين الأصهار والمتعارف من أصهاره آباء زوجاته كالعمرين وأزواج بناته كعلي وعثمان وأقارب زوجاته (فمن حفظني فيهم) أي راعاني فيهم بإكرامهم وحسن الأدب معهم (حفظه الله) دعاء أو خبر (في الدنيا والآخرة) أي منعه من كل ضر وضير فيهما. قال الراغب:
يعبر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية كما يعبر بالدار الدنيا عن النشأة الأولى وربما ترك ذكر الدار كما هنا وقد توصف الدار بالآخرة تارة وتضاف إليها تارة نحو * (وللدار الآخرة خير للذين يتقون) * تقديره دار الحياة الآخرة (ومن لم يحفظني فيهم) بما ذكر (تخلى الله) أي أعرض (عنه) وتركه في غيه يتردد وهذا أيضا يحتمل الدعاء والخبر، وأيما كان فيا لها من شقاوة، كيف (ومن تخلى الله عنه أوشك) أي أسرع وفي نسخ يوشك وهو تحريف من النساخ فإن الأول هو كما في مسودة المؤلف بخطه (أن يأخذه) أخذ عزيز مقتدر وهذا وعيد شديد لمن لم يحفظه فيهم وتحذير بليغ من تعجيل