زوجها قال الطيبي: وعدل عن استر إلى احفظ ليدل السباق على الأمر بسترها استحياء عمن ينبغي الاستحياء منه أي من الله ومن خلقه يشير به معنى قوله تعالى * (الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) * لأن عدم الستر يؤدي إلى الوقاحة وهي إلى الزنا وفيه أن للزوج نظر فرج زوجته وحلقة دبرها وأخذ بعضهم منه أنه يجب على الرجل تمكين حليلته من الاستمتاع به ورد بأن معنى قوله إلا من إلى آخره أي فهو أولى أن لا تحفظ عورتك منها وذاك لأن الحق في التمتع له لا لها فيلزمها تمكينه ولا عكس (قيل) يعني قال معاوية الصحابي يا رسول الله (إذا كان القوم) أي الجماعة (بعضهم في) وفي نسخ من والأول هو ما في خط المؤلف (بعض) كأب وجد وابن وابنة أو المراد المثل لمثله كرجل لرجل وأنثى لأنثى وعليه فالقوم اسم كان وبعضهم بدل منه ومن بعض خبرها (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن استطعت أن لا يرينها أحدا) بنون التوكيد شديدة أو خفيفة فلا يريها أحد اجتهد في حفظها ما استطعت وإن دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها (قيل) أي قلت يا رسول الله (إذا كان أحدنا خاليا) أي في خلوة فما حكم ستر عورته حينئذ (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله أحق) أي أوجب (أن يستحيا) بالبناء للمجهول (منه من الناس) عن كشف العورة وهو تعالى وإن كان لا يحجبه شئ ويرى المستور كما يرى العاري لكن رعاية الأدب تقتضي الستر قال العلائي وغيره وهذا إشارة إلى مقام المراقبة فإن العبد إذا امتنع عن كشف عورته حياء من الناس فلأن يستحيي من ربه المطلع عليه في كل حال وكل وقت أولى والداعي إلى المراقبة أمور أعظمها الحياء قيل إن إبراهيم بن أدهم صلى قاعدا ثم مد رجله فهتف به هاتف أهكذا تجالس الملوك فما مدها بعد أبدا وقال الحكيم من تعرى خاليا ولم يحتشم فهو عبد قلبه غافل عن الله لم يعلم بأن الله يرى علم اليقين ولذلك كان الصديق رضي الله تعالى عنه يقنع رأسه عند دخوله الخلاء حياء من الله تعالى وكان عثمان رضي الله تعالى عنه يغتسل في بيت مظلم حتى لا يرى عورة نفسه قال الماوردي ومن خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لم تر عورته قط ولو رآها أحد عمي وعدوا من خصائص هذه الأمة حرمة كشف العورة وكما يؤمر بحفظ عورته يؤمر بحفظ عورة غيره بترك النظر إليها قال ابن جرير إلا لعذر كحد يقام عليه وعقوبة تدرأ وظاهر الخبر وجوب ستر العورة في الخلوة لكن المفتى به عند الشافعية جواز كشفها فيها لأدنى غرض كتبريد وخوف غبار على نحو ثوب فينزل الخبر على ندب الستر في الخلوة لا وجوبه وممن وافقهم ابن جرير فأول الخبر في الآثار على الندب قال: لأن الله تعالى لا يغيب عنه شئ من خلقه عراة أو غير عراة. (حم ع ك هق عن بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده) معاوية بن حيدة القشيري الصحابي المشهور قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر فذكره قال الترمذي والحاكم صحيح وأقره الذهبي ورواه البخاري معلقا قال ابن حجر وإسناده إلى بهز صحيح ولهذا جزم البخاري بتعليقه وأما بهز وأبوه فليسا من شرطه وقال الكمال ابن أبي
(٢٥٣)