فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٠١
ساراه غضب والحقد لما أضمره المرء في نفسه من الترفع على من تكبر عليه والغش لأنه لا ينصح من تكبر عليه إذ قصده كون غيره معيبا منقوصا وآفات الكبر كثيرة وما من خلق ذميم إلا والكبر محتاج إليه مصاحب له وقلما ينفك عنه العلماء بل والعباد والزهاد إذ يعجبون بكثرة أتباعهم وربما سار الواحد وأتباعه حوله ولو انفرد ساءه ذلك ولو لم يكن من الوعيد للمتكبر إلا نفي محبة الله له في النصوص القرآنية وخبر لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر لكفى (فإن العبد) الإنسان (لا يزال يتكبر حتى يقول الله تعالى) لملائكته (اكتبوا عبدي) وفي رواية عبدي هذا المعتدي طوره الذي نازع ربه رداءه وتعرض للمقت والهلاك (في) الإضافة للملك لا للتشريف (الجبارين) جمع جبار وهو المتكبر العاتي.
وكفى بذلك إعلاما باستقباح الاستكبار كيف وهو يفضي بصاحبه إلى بئس القرار النار وقد أفلح من هدى إلى تجنبه وفاز بخيري الدنيا والآخرة وترك الكبر داع إلى السلامة من شر الناس فينتفي عنه بتركه ما يترتب عليه من أنواع الأذى وضروب المهالك. قال الشافعي: التواضع من أخلاق الكرام والتكبر من أخلاق اللئام وأرفع الناس قدرا من لا يرى قدره وأكبرهم فضلا من لا يرى فضله وقال القاضي أبو الطيب من تصدى قبل أوانه فقد تصدى لهوانه وفي الشعب: من رضي أن يكون ذنبا أبى الله إلا أن يجعله رأسا وقال الماوردي: الكبر يكسب المقت ويلهي عن التأله ويوغر صدور الإخوان (أبو بكر) وأحمد بن علي بن أحمد (ابن لآل) قال الكمال: ومعنى لآل أخرس وهو أبو بكر الهمداني من أهل القرن الرابع فقيه شافعي تفقه على أبي إسحاق وغيره وله مؤلفات كثيرة في الحديث قالوا: والدعاء عند قبره مستجاب (في) كتابه (مكارم الأخلاق) أي فيما ورد في فضلها (وعبد الغني بن سعيد) الحافظ المشهور (في) كتاب (إيضاح الإشكال عد) كلهم (عن أبي أمامة) الباهلي وفيه عثمان بن أبي عاتكة ضعفه النسائي وغيره وهو علي ابن يزيد الألهاني قال في التقريب ضعيف والقاسم بن عبد الرحمن صدوق لكنه يغرب كثيرا.
175 - (اجتنبوا هذه القاذورات) جمع قاذورة وهي كل قول أو فعل يستفحش أو يستقبح لكن المراد هنا الفاحشة يعني الزنا لأنه لما رجم ماعزا ذكره سميت قاذورة لأن حقها أن تتقذر فوصفت بما يوصف به صاحبها أفاده الزمخشري (التي نهى الله عنها) أي حرمها (فمن ألم) بالتشديد أي نزل به والإلمام كما في الصحاح مقاربة المعصية من غير مواقعة وهذا المعنى له لطف هنا يدرك بالذوق (بشئ منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله) بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود (فإنه) أي الشأن (من يبد) بضم المثناة تحت وسكون الموحدة (لنا صفحته) أي ظهر لنا فعله الذي حقه الإخفاء والستر وصفحة كل شئ جانبه ووجهه وناحيته كنى به عن ثبوت موجب الحد عند الحاكم (نقم) نحن معشر الحكام
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة