فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٥٩
الراغب. وقال الزمخشري: تقول إياك والمخيلة وخايله فاخره وتخايلوا تفاخروا (ولا يحبها الله) أي لا يرضاها ويعذب عليها إن لم يعف وكالإزار سائر ما يلبس فيحرم على الرجل إنزال نحو إزاره عن الكعبين بقصد الخيلاء ويكره بدونه أما المرأة فتسبله قدر ما يستر قدميها (وإن امرؤ) أي إنسان (شتمك) أي سبك (وعيرك) بالتشديد قال فيك ما يعيبك (بأمر) أي بشئ (ليس هو فيك) أي لست متصفا به (فلا تعيره) أنت (بأمر هو فيه) لأن التنزه عن ذلك من مكارم الأخلاق، ومن ذم الناس ولو بحق ذموه ولو بباطل ومن ثم قال بعضهم:
ومن دعى الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل (ودعه) أي اتركه (يكون وباله) أي سوء عاقبته وشؤم وزره (عليه) قال الزمخشري: الوبال سوء العاقبة (وأجره) أي ثوابه (لك) قال الراغب: الأجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان أو أخرويا والأجرة في الثواب الدنيوي ولا يقال الأجر إلا في النفع دون الضر والجزاء يقال في النافع والضار انتهى والإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة والمقاولة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة والحقيقة وأسلم للعرض والورع ذكره الكشاف ولما كان التعبير يهيج الغضب ويحمل على المقابلة بالسب عقبه بقوله (ولا تسبن) بفتح الفوقية وشد الموحدة ونون التوكيد أي لا تشتمن (أحدا) وإن كان مهينا والشتم توصيف الشئ بما هو إزراء أو نقص فيه ذكره القاضي وفيه تحذير من الاحتقار لا سيما للمسلم المعصوم لأن الله تعالى أحسن تقويم خلقه وخلق ما في السماء والأرض لأجله ومشاركة غيره له فيه إنما هي بطريق التبع وفيه كراهة مجادلة السفهاء ومقاولتهم ومناقلتهم وأن السكوت عن السفيه من المطالب الشرعية قال في الكشاف: ومن أذل نفسه لم يجد مشافها وفيه تنبيه عظيم على كظم الغيظ والحلم على أهل الجهل والترفع عمن أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ولهذا قال البيهقي عن ذي النون: العز الذي لا ذل فيه سكوتك عن السفيه وفيه أنشد الأصمعي:
وما شئ أحب إلى لئيم إذا شتم الكريم من الجواب متاركة اللئيم بلا جواب أشد على اللئيم من السباب ومن ثم قال الأعمش جواب الأحمق السكوت والتغافل يطفئ شرا كثيرا ورضا المتجني غاية لا تدرك والاستعطاف عون للظفر ومن غضب على من لا يقدر عليه طال حزنه وقال حكيم ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة حليم من أحمق وبر من فاجر وشريف من دنئ وفيه أنه لا ينبغي للعبد أن يحقر شيئا من المعروف في الإحسان إلى الناس بل إلى خلق الله ولا يحتقر ما يتصدق به وإن قل وندب لقاء الأخ المؤمن بالبشر وطلاقة الوجه وأنه يقوم مقام فعل المعروف إذا لم يمكنه فعل المعروف معه وغير ذلك (الطيالسي) وأبو داود (عن جابر بن سليم) ويقال سليم بن جابر قال البخاري: والأول أصح (الهجيمي) من بني هجيم بن عمرو بن تميم سكن البصرة وروى عنه ابن سيرين وغيره قال قلت:
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة