وأذن الله له في الهجرة فأمر عليا فنام في مضجعه وقال له (اتشح ببردتي فإنه لن يخلص إليك أمر تكرهه) وباتوا مترصدين فلما أصبحوا ثاروا إلى مضجعه فأبصروا عليا فبهتوا واقتصوا أثره فأبطل الله مكرهم وخيب الله سعيهم قلت رواه أبو نعيم في دلائل النبوة في الفصل السادس عشر وابن هشام في سيرته والطبري في تفسيره كلهم من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الله ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال لما اجتمعت قريش في دار الندوة وتشاوروا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترضهم إبليس في هيئة شيخ فوقف على باب الدار فقالوا له من أنت قال شيخ من أهل نجد سمعت بالذي اجتمعتم له فأردت أن أحضركم وعسى أن لا تعدموا مني رأيا ونصحا فقالوا له ادخل فدخل معهم وقد اجتمع أشراف قريش عتبة وشيبة أبناء ربيعة وأبو سفيان وأبو جهل وطعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر والنضر بن الحارث أبو البختري وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام وأمية بن خلف في آخرين لا يحصون فقال بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم وإنا والله لا نأمنه من الوثوب علينا فأجمعوا فيه رأيكم فقال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه الباب ثم تربصوا به الموت فقال إبليس بئس الرأي فلا يوشك أن يثب عليكم أصحابه فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثرونكم به حتى يغلبونكم ثم قال آخر نخرجه من بلادنا فإذا غاب أصلحنا أمرنا فقال إبليس ولا هذا أيضا رأي فلا يوشك أن يغلب على قوم غيركم ثم يسير بهم إليكم فيطأكم بهم فقال أبو جهل إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه قالوا وما هو قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى جلدا فنعطيه سيفا ثم يعمدون
(٢٦)