المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٦٤
الثاني من الوجهين إذا أراد أحدهما شيئا فإما أن يمكن من الآخر إرادة ضده أو يمتنع وكلاهما محال أما الأول فلأنا نفرض وقوع إرادته له لأن الممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال فيلزم إما وقوعهما معا فيلزم اجتماع الضدين وإما لا وقوعهما فيلزم ارتفاعهما فيلزم عجزهما لعدم حصول مرادهما وأيضا يلزم اجتماعهما لأن المانع من وقوع مراد كل منهما هو حصول مراد الآخر لا قادريته عليه فإذا امتنع مراد كل منهما فقد حصل مرادهما معا هذا خلف وأيضا فإذا فرض ما ذكرناه في ضدين لا يرتفعان كحركة جسم وسكونه لزم المحال وهو ارتفاعهما معا وأما وقوع أحدهما دون الآخر فالذي لا يقع مراده لا يكون قادرا كاملا فلا يكون إلها وأما الثاني وهو أن يمتنع إرادة الآخر ضده فلأن ذلك الشيء الذي امتنع تعلق إرادة الآخر به هو لذاته يمكن تعلق قدرة كل من الإلهين وإرادته به فالذي امتنع تعلق قدرته وإرادته به فالمانع عنه هو تعلق قدرة الآخر وإرادته فيكون هذا عاجزا فلا يكون إلها هذا خلف لأنه خلاف المقدر وقد مر أنه يمكن إثبات الوحدانية بالدلائل النقلية لعدم توقف صحتها على التوحيد واعلم أنه لا مخالف في هذه المسألة إلا الثنوية دون الوثنية فإنهم لا يقولون بوجود إلهين واجبي الوجود ولا يصفون الأوثان بصفات الإلهية وإن أطلقوا عليها اسم الآلهة بل اتخذوها على أنها تماثيل الأنبياء أو الزهاد أو الملائكة أو الكواكب واشتغلوا بتعظيمها على وجه العبادة توصلا بها إلى ما هو إله حقيقة وأما الثنوية فإنهم قالوا نجد في العالم خيرا كثيرا وشرا كثيرا وأن الواحد لا يكون خيرا شريرا بالضرورة فلكل منهما فاعل على
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»