المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٦٣
أما الأول وهو أن الوجوب هو المقتضي للتعين فإذ لولاه فإما أن يستلزم ويقتضي التعين الوجوب فيلزم تأخره أي تأخر الوجوب عن التعين ضرورة تأخر المعلول عن علته ويلزم الدور لأن الوجوب الذاتي الذي هو عين الذات يجب أن يكون متقدما على ما عداه علة له أو لا يستلزم ولا يقتضي شيء منهما الآخر فيجوز حينئذ الانفكاك بينهما لاستحالة أن يكون هناك أمر ثالث مقتضيا لهما معا حتى يتلازما لأجله فيجوز الوجوب بلا تعين وأنه محال إذ يستحيل أن يوجد شيء بلا تعين ويجوز التعين بلا وجوب فلا يكون ذلك التعين الموجود واجبا لذاته لامتناع الواجب بدون الوجوب وهذا أيضا بناء على كون الوجوب ثبوتيا ليتحقق كونه نفس الماهية وأما الثاني وهو أن الوجوب إذا كان هو المقتضي للتعين امتنع التعدد فلما علمت أن الماهية المقتضية لتعينها ينحصر نوعها في شخص واحد ولذلك لم يتعرض له وأما المتكلمون فقالوا يمتنع وجود إلهين مستجمعين لشرائط الألوهية لوجهين الأول لو وجد إلهان قادران على الكمال لكان نسبة المقدورات إليهما سواء إذ المقتضي للقدرة ذاتهما وللمقدورية الإمكان لأن الوجوب والامتناع يحيلان المقدورية فتستوي النسبة بين كل مقدور وبينهما فإذا يلزم وقوع هذا المقدور المعين إما بهما وأنه باطل لما بينا من امتناع مقدور بين قادرين وإما بأحدهما ويلزم الترجيح بلا مرجح فلو تعددت الآلهة لم يوجد شيء من الممكنات لاستلزامه أحد المحالين إما وقوع مقدور بين قادرين وإما الترجيح بلا مرجح
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»