ويزول عنه هذه المعية إذا عدم الحادث فقد تجدد له صفة سلب بعد أن لم تكن إذا عرفت هذا الذي ذكرناه فقد اختلف في كونه تعالى محل الحوادث أي الأمور الموجودة بعد عدمها فمنعه الجمهور من العقلاء من أرباب الملل وغيرهم وقال المجوس كل حادث هو من صفات الكمال قائم به أي يجوز أن يقوم به الصفات الكمالية الحادثة مطلقا وقال الكرامية يجوز أن يقوم به الحادث لا مطلقا بل كل حادث يحتاج الباري تعالى إليه في الإيجاد أي في إيجاده للخلق ثم اختلفوا في ذلك الحادث فقيل هي الإرادة وقيل هو قوله كن فخلق هذا القول أو الإرادة في ذاته تعالى مستند إلى القدرة القديمة وأما خلق باقي المخلوقات فمستند إلى الإرادة أو القول على اختلاف المذهبين واتفقوا على أنه أي الحادث القائم بذاته يسمى حادثا وما لا يقوم بذاته من الحوادث يسمى محدثا لا حادثا فرقا بينهما لنا في إثبات هذا المدعى وجوه ثلاثة الأول لو جاز قيام الحادث بذاته لجاز أزلا واللازم باطل أما الملازمة فلأن القابلية من لوازم الذات وإلا لزم الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي فإن القابلية إذا لم تكن لازمة بل عارضة كان الذات في حد نفسها قبل عروض القابلية لها ممتنعة القبول للحادث المقبول وبعد عروضها ممكنة القبول له فيلزم ذلك الانقلاب ولو فرض زوال القابلية بعد ثبوتها لزم الانقلاب من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي ولما لم يكن لنا
(٥٣)