الأول ما اعتمد عليه القدماء من الأشاعرة وهو قياس الغائب على الشاهد فإن العلة واحدة والشرط لا يختلف غائبا وشاهدا ولا شك أن علة كون الشيء عالما في الشاهد هو العلم فكذا في الغائب وحد العالم ههنا من قام به العلم فكذا حده هناك وشرط صدق المشتق على واحد منا ثبوت أصله له فكذا شرطه فيمن غاب عنا وقس على ذلك سائر الصفات وقد عرفت ضعفه في المرصد الأخير من الموقف الأول كيف والخصم أي القائس كما وقع في كلام الآمدي قائل ومعترف باختلاف مقتضى الصفات شاهدا وغائبا فإن القدرة في الشاهد لا يتصور فيها الإيجاد بخلافها في الغائب والإرادة فيه لا تخصص بخلاف إرادة الغائب وكذا الحال في باقي الصفات فإذا وجد في أحدهما لم يوجد في الآخر فلا يصح القياس أصلا كيف وقد يمنع ثبوتها أي ثبوت العلم والقدرة والإرادة ونظائرها في الشاهد بل الثابت فيه بيقين هو العالمية والقادرية والمريدية لا ما هي مشتقة منها فيضمحل القياس بالكلية الوجه الثاني لو كان مفهوم كونه عالما حيا قادرا نفس ذاته لم يفد حملها على ذاته وكان قولنا على طريقة الإخبار الله الواجب أو العالم أو القادر أو الحي إلى سائر الصفات بمثابة حمل الشيء على نفسه واللازم باطل لأن حمل هذه الصفات يفيد فائدة صحيحة بخلاف قولنا ذاته ذاته وإذا بطل كونها نفسه ولا مجال للجزئية قطعا تعينت الزيادة على الذات وفيه نظر فإنه لا يفيد إلا زيادة هذا المفهوم أعني مفهوم العالم والقادر ونظائرهما على مفهوم الذات ولا نزاع في ذلك وأما زيادة ما صدق عليه هذا المفهوم على حقيقة الذات فلا يفيده هذا الدليل نعم
(٦٩)