المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
الفرس مثل حقيقة الإنسان بل تكون جميع الموجودات مشتركة في حقيقة واحدة هي تمام ماهية كل واحد منها وذلك مما لا يقول به عاقل فوجب أن يكون الاشتراك في الوجود عندكم لفظيا لا معنويا كما علم في صدر الكتاب وقد أجاب الآمدي عن هذا السؤال بأن المتمسك بهذا الدليل إن كان ممن يعتقد كون الوجود مشتركا كالقاضي وجمهور الأصحاب لم يرد عليه ما ذكرتموه وإن كان ممن لا يعتقده كالشيخ فهو بطريق الإلزام ولا يجب كون الملزوم معتقدا لما تمسك به ولما لم يكن هذا مرضيا عند المصنف قال والجواب أنه لا معنى للوجود إلا كون الشيء له هوية لما عرفت من أن الوجود الخارجي أوليس إلا كون الماهية ممتازة بحسب الهوية الشخصية وذلك أي كون الشيء ذا هوية يمتاز بها أمر مشترك بين الموجودات بأسرها بالضرورة وما ذكرتم مما به الافتراق كالإنسانية والفرسية وغيرهما وألزمتم الاشتراك فيه على تقدير اشتراك الموجود على مذهبنا فشيات الأشياء أي خصوصياتها التي يمتاز بها بعضها عن بعض وهي هيئات وخصوصيات للهويات المتمايزة بذواتها وإن عاقلا لا يقول بالاشتراك فيها ولا بما يستلزم هذا الاشتراك استلزاما مكشوفا لا سترة به فما ذكره الشيخ من أن وجود كل شيء عين حقيقته لم يرد به أن مفهوم كون الشيء ذا هوية هو بعينه مفهوم ذلك الشيء حتى يلزم من الاشتراك في الأول الاشتراك في الثاني بل أراد أن الوجود ومعروضه أوليس لهما هويتان متمايزتان تقوم إحداهما بالأخرى كالسواد بالجسم وقد عرفت أن هذا هو الحق الصريح فالاتحاد الذي ادعاه الشيخ على ما مر في الأمور العامة إنما هو باعتبار ما صدقا عليه وذلك لا ينافي اشتراك مفهوم الوجود فلا منافاة بين كون الوجود عين الماهية بالمعنى الذي صورناه وبين اشتراكه بين الخصوصيات المتمايزة بذواتها والأكثرون توهموا أن ما نقل عنه من أن الوجود عين الماهية ينافي دعوى اشتراكه بين الموجودات إذ يلزم منهما معا
(١٨٧)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»