جسما وأما ثانيا فلجواز تعليل الواحد بالنوع بالعلل المختلفة لما مر في مباحث العلل والمعلولات فعلى تقدير تماثل الصحتين جاز تعليلهما بعلتين مختلفتين والجواب قد ذكرنا أن المراد بعلة صحة الرؤية متعلقها والمدعي أن متعلقها أوليس خصوصية واحد منهما أي من الجوهر والعرض فإنا نرى الشبح من بعيد ولا ندرك منه إلا أنه هوية ما من الهويات وأما خصوصية تلك الهوية وجوهريتها وعرضيتها فلا ندركها فضلا عن إدراك أنها أي جوهر أو عرض هي وإذا رأينا زيدا فإنا نراه رؤية واحدة متعلقة بهويته ولسنا نرى أعراضه من اللون والضوء كما تقوله الفلاسفة حيث يزعمون أن المرئي بالذات هو الألوان والأضواء وأما الأجسام فهي مرئية بالعرض والتبعية بل نرى هويته ثم ربما نفصله إلى جواهر هي أعضاؤه وإلى أعراض تقوم بها أي بتلك الجواهر وربما نغفل عن ذلك التفصيل حتى لو سئلنا عن كثير منها أي من تلك الجواهر والأعراض لم نعلمها ولم نكن قد أبصرناها إذ كنا أي زمان كنا أبصرنا الهوية ولو لم يكن متعلق الرؤية هو الهوية التي بها الاشتراك بين خصوصيات الهويات بل كان متعلق الرؤية الأمر الذي به الافتراق بينها أعني خصوصية هوية زيد مثلا لما كان الحال كذلك لأن رؤية الهوية المخصوصة الممتازة تستلزم الاطلاع على خصوصيات جواهرها وأعراضها فلا تكون مجهولة لنا فقد تحقق أن متعلق الرؤية هو الهوية العامة المشتركة بين الجواهر والأعراض وبين الباري سبحانه وتعالى فتصح رؤيته الرابع من وجوه الاعتراض لا نسلم أن المشترك بينهما أي الجوهر والعرض أوليس إلا الوجود والحدوث فإن الإمكان أيضا مشترك بينهما وكذا المذكورية والمعلومية وسائر المفهومات العامة والجواب أنا قد بينا أن متعلق الرؤية الذي فسرنا به علة الصحة هو
(١٨٥)