مضجعه يدعي بطلان ذلك الذي ذكرناه من أسباب الهالة وقوس قزح لكنه أي ما ذكرناه فيها رأي الجمهور قد ذكرناه متابعة لهم وفي المباحث المشرقية زعم بعضهم أن السبب في حدوث أمثال هذه الحوادث اتصالات فلكية وقوى روحانية اقتضت وجودها وحينئذ لا تكون من قبيل الخيالات وهو أن يرى صورة شيء مع صورة شيء آخر مظهر له كالمرآة فيظن أن الصورة الأولى حاصلة في الشيء الثاني ولا يكون فيه بحسب نفس الأمر قال الإمام الرازي وهذا الذي ذكره لا ينافي ما ذكرناه فإن الصحة والمرض قد يستندان إلى أسباب عنصرية تارة وإلى اتصالات فلكية وتأثيرات نفسانية أخرى لكن هذا الوجه يؤيده أن أصحاب التحارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث في الجو تدل على حدوث حوادث في الأرض فلولا أنها موجودات مستندة إلى تلك الاتصالات والأوضاع لم يستمر هذا الاستدلال وأيضا نقول فالبخار المحتقن في الأرض يخرج القليل من مسامها وينقلب الكثير بمعونة البرد الذي في باطن الأرض ماء ويشفها فيخرج منها ومنه العيون السيالة إذا كان البخار كثيرا فحصل المدد بعد المدد كان الفائض يحدث الثاني ضرورة امتناع الخلاء فإن البخار الذي انقلب ماء وفاض إلى وجه الأرض وجب أن ينجذب إلى مكانه ما يقوم مقامه لئلا يكون خلاء فينقلب هو أيضا ماء ويفيض وهكذا يستنبع كل جزء منه جزءا آخر قال الإمام الرازي ومياه العيون الراكدة تحدث من أبخرة بلغت من قوتها أن اندفعت إلى وجه الأرض ولكن لم تبلغ من كثرة مددها وقوتها أن يطرد تاليها سابقها وهذا الكلام ينافي ما ذكره المصنف من التعليل بامتناع
(٦٠٤)