المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٦
المرصد الأول كله آراء الفلاسفة حيث نفوا القادر المختار كما سبقت إليه الإشارة في إسناده الكلام مرة بعد أخرى فأحالوا اختلاف الأجسام بالصور إلى استعدادها في موادها يقتضي اختلاف الصور الحالة فيها وأحالوا اختلاف آثارها إلى صورها المتباينة وأمزجتها المتخالفة وأحالوا كل ذلك في الأجسام العنصرية وأسندوه بالآخرة إلى حركات الأفلاك وأوضاعها وأما المتكلمون فقالوا الأجسام متجانسة بالذات أي متوافقة الحقيقة لتركبها من الجواهر الأفراد وأنها متماثلة لا اختلاف فيها وإنما يعرض الاختلاف للأجسام لا في ذواتها بل بما يحصل فيها من الأعراض بفعل القادر المختار فالأجسام على رأيهم متوافقة في الحقيقة متخالفة بالأمور الخارجية عن ذواتها هذا ما قد أجمعوا عليه إلا النظام فإنه يجعل الأجسام نفس الأعراض الملتئمة منها الأجسام والأعراض التي تركب منها الجسم مختلفة بالحقيقة قطعا فتكون الأجسام أيضا كذلك أي مختلفة بالحقيقة وقد سبق في المقصد الثاني من الفصل الأول من هذا المرصد أنه لا محيص لمن يذهب إلى تجانس الجواهر الأفراد من جعل الأعراض داخلة في حقيقة الجسم وهو مبني على أن الأجسام متخالفة الحقائق بالضرورة فيكون منافيا لما قد أجمعوا عليه من تماثلها في الحقيقة وتخالفها بالأمور الخارجة الحالة فيها
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»