وتضعف تلك المدافعة شيئا فشيئا إلى غاية ما فيقف وقد يحدث رياح مختلفة الجهة دفعة فتدافع تلك الرياح الأجزاء الأرضية فتنضغط الأجزاء الأرضية بينها مرتفعة كأنها تلتوي على نفسها وهي الزوابع جمع زوبعة وهي الريح المستديرة على نفسها والإعصار المسمى في الفارسية بكرد باد هذا وقد قيل بين الريح والمطر تمانع وتعاون أما التمانع فلأن الريح في الأكثر تلطف مادة السحاب بحرارتها وتفرقها بتحريكها والمطر يبل الأدخنة ويصل بعضها ببعض فيثقل حينئذ ولا يتمكن من الصعود فكل سنة يكثر فيها المطر تقل فيها الريح وبالعكس وأما التعاون فلأن المطر يبل الأرض فيعيدها لأن يصعد منها دخان إذ الرطوبة تعين على تحلل اليابس وتصعده والريح تجمع السحاب وتهرب برودة السحاب إلى باطنه فيشتد البرد المكثف وأما مهاب الرياح فغير منحصرة حقيقة في عدد إلا أنهم جعلوا أصولها أربعة هي نقط المشرق والمغرب والشمال والجنوب والعرب تسمى الرياح التي تهب منها بالقبول والدبور والشمال والجنوب وتسمى التي تهب مما بينها نكباء وأيضا نقول فقد يحدث في الجو أجزاء رطبة رشية صقيلة كدائرة تحيط تلك الأجزاء بغيم رقيق لطيف لا يحجب ما وراءه عن الإبصار فينعكس منها أي من تلك الأجزاء الواقعة على ذلك الوضع ضوء البصر لصقالتها إلى القمر فيرى في تلك الأجزاء ضوؤه دون شكله فإن الصقيل الذي ينعكس منه شعاع البصر إذا صغر جدا بحيث لا ينقسم في الحس أدى الضوء واللون دون الشكل والتخطيط كما في المرآة الصغيرة وتلك الأجزاء الرشية مرايا صغار متراصة على هيئة الدائرة فيرى جميع تلك الدائرة كأنها منورة بنور ضعيف وتسمى الهالة وإنما لا يرى الجزء الذي يقابل القمر من ذلك الغيم لأن قوة الشعاع تخفي حجم السحاب الذي لا يستره فلا يرى فيه خيال القمر كيف والشيء إنما يرى على الاستقامة نفسه لا شبحه بخلاف أجزائه التي لا تقابله فإنها تؤدي خيال ضوئه كما عرفت قبل وأكثر ما تتولد الهالة عند عدم الريح فإن تمزقت من جميع الجهات دلت على الصحو وإن سخن السحاب حتى بطلت دلت على المطر لأن الأجزاء المائية قد كثرت وإن انحرفت من جهة دلت على
(٦٠٢)