متأخري الفلاسفة كالفارابي وابن سينا وتفصيل مذهبهم أنهم قالوا الأجسام تنقسم كما علمت إلى فلكيات وعنصريات أما الفلكيات فإنها قديمة بموادها وصورها الجسمية والنوعية وأعراضها المعينة من المقادير والأشكال وغيرها إلا الحركات والأوضاع المشخصة فإنها حادثة قطعا ضرورة أن كل حركة شخصية مسبوقة بأخرى لا إلى نهاية وكذا الأوضاع المعينة التابعة لها وأما مطلق الحركة والوضع فقديم أيضا لأن مذهبهم أن الأفلاك متحركة مستمرة من الأزل إلى الأبد بلا سكون أصلا وأما العنصريات فقديمة بموادها وبصورها الجسمية بنوعها وذلك لأن المادة لا تخلو عن الصورة الجسمية التي هي طبيعة واحدة نوعية لا تختلف إلا بأمور خارجة عن حقيقتها فيكون نوعها مستمر الوجود بتعاقب أفرادها أزلا وأبدا وبصورها النوعية بجنسها وذلك لأن مادتها لا يجوز خلوها عن صورها النوعية بأسرها بل لا بد أن يكون معها واحدة منها لكن هذه الصور متشاركة في جنسها دون ماهيتها النوعية فيكون جنسها مستمرا الوجود بتعاقب أنواعه نعم الصور المشخصة فيهما أي في الصورة الجسمية والنوعية والأعراض المختصة المتعينة محدثة ولا امتناع في حدوث بعض الصور النوعية العنصرية كأن يكون مثلا نوع الإنسان حادثا غير مستمر الوجود بتعاقب أفراده الشخصية إذ يجوز حصوله من عنصر آخر بطريق الكون والفساد ولا امتناع أيضا عندهم في استمراره كذلك ولا في استمرار أنواع المركبات في ضمن افرادها المتعاقبة بلا نهاية الثالث إنها قديمة بذواتها محدثة بصفاتها وهو قول من تقدم
(٦١٥)