ثالثها أي ثالث التفاريع أن الصورة الجسمية أيضا لا تخلو عن الهيولى لوجوه ثلاثة الأول لو فرضنا صورة بلا هيولى كانت إما مشارا إليها أو غير مشار إليها فإن كانت مشارا إليها كان ذلك المشار إليه متناهيا في جميع الجهات لتناهي الأبعاد وكان أيضا مشكلا بشكل مخصوص لأن الشكل كما عرفت هيئة شيء تحيط به نهاية واحدة أو أكثر من جهة إحاطتها به فكل شيء متناه يلزمه أن يكون ذا شكل فذلك الشكل الثابت للصورة المجردة إما لنفس الجسمية ولوازمها فكل جسم يجب أن يكون له ذلك الشكل العارض لمقدار مخصوص لاشتراك الأجسام كلها في الجسمية المقتضية له فيتساوى حينئذ الكل والجزء في الشكل والمقدار المخصوصين وهو محال أو لا لنفس الجسمية بل لسبب آخر فتكون الصورة المجردة قابلة لغيره أي لغير ذلك الشكل من الأشكال المخالفة له وما هو أي ليس قبول شكل آخر إلا بالفصل والوصل فالصورة بدون الهيولى قابلة للفصل والوصل وقد أبطلناه بما مر من أن القابل لهما لا بد أن يكون مقارنا للهيولي وإن كانت الصورة المجردة غير مشار إليها فليست صورة جسمية لأن الصورة الجسمية ليست عبارة إلا عن هذا الامتداد الجوهري الممتد في الجهات الملزوم للامتداد العرضي ذهنا وخارجا ويمتنع أن يتصور هذا الامتداد بلا حيز ولا إشارة وأيضا فتكون الصورة المجردة على تقدير كونها غير قابلة للإشارة أمرا عقليا محضا لا تعلق له بحيز أصلا فيمتنع مقارنته للمادة المتحيزة ولو تبعا كسائر المجردات واعلم أن هذا الاستدلال يتم بأن يقال لو تجردت الصورة لكانت متناهية ومتشكلة فذلك الشكل إما للجسمية وحدها أو لسبب آخر فلا حاجة
(٣٨٠)