أحدهما إثبات الهيولى لكل جسم وإنما احتج إلى هذا الإثبات إذ تلك الحجة التي هي المعول عليها في إثباتها أعني مسلك الانفصال كما عرفت لا تثبتها إلا لما يقبل الاتصال والانفصال بالفعل كالعنصريات ولعل بعض الأجسام لا يقبلهما كالفلكيات على رأيهم فلا بد لإثبات الهيولى فيها من بيان آخر فقال ابن سينا طبيعة الاتصال أي الصورة الجسمية المتصلة في نفسها للجميع أي لجميع الأجسام طبيعة واحدة نوعية لأن جسمية إذا خالفت جسمية أخرى كان ذلك لأجل أن هذه حارة وتلك باردة أو هذه لها طبيعة عنصرية وتلك لها طبيعة فلكية إلى غير ذلك من الأمور التي تلحق الجسمية من خارج فإن الجسمية أمر موجود في الخارج والطبيعة الفلكية مثلا موجود آخر قد انضاف هذه الطبيعة في الخارج إلى الطبيعة الجسمية الممتازة عنها في الوجود بخلاف المقدار فإنه أمر مبهم لا يوجد في الخارج ما لم يتنوع بفصول ذاتية بأن يكون خطا أو سطحا مثلا وكل ما كان اختلافه بالخارجات دون الفصول كان طبيعة نوعية ومقتضى الطبيعة النوعية لا يختلف فإذا ثبت احتياجه أي احتياج الاتصال الذي هو الصورة الجسمية إلى المادة في الأجسام العنصرية لكونه حالا فيها امتنع قيامه بنفسها في شيء من الأجسام وإلا أي وإن لم يمتنع قيامه بنفسه بل قام بذاته في الفلك مثلا كان ذلك الاتصال الجوهري في حد ذاته غنيا عن المحل والغنى عن المحل لا يحل فيه أصلا وبالجملة فالحقيقة الواحدة النوعية لا تختلف لوازمها ومقتضياتها فتكون بالنصب على أنه جواب النفي قائمة بذاتها تارة وبالغير تارة أخرى كما
(٣٧٥)