الجزء المفروض بعد وجود الكل ورد بأن الشكل من لوازم الوجود دون الماهية فإذا اقتضاه طبيعة لم يكن اقتضاؤها إياه إلا في الخارج فلا يلزم ثبوته للأجزاء المفروضة فلا يتجه السؤال وأيضا الجزئية مطلقا مانعة من المساواة في الشكل والمقدار معا فلا مدخل لتأخر الجزء في الوجود عن الكل في المانعية وأما الصورة الجسمية فلو تجردت عن المادة فلا تكون هناك إلا الطبيعة الجسمية المشتركة ولم يكن هناك سبب يقتضي كلية وجزئية سوى تلك الطبيعة المشتركة فلا يتصور حينئذ اختلاف في أمر من الأمور حتى في الكلية والجزئية فلا يكون ثمة كل ولا جزء فضلا عن اختلافهما بالشكل فقد اندفع عن الدليل النقض المذكور ولكن لمانع أن يمنع أن الشكل وتبدله إنما يكون بالاتصال والانفصال كما ترى في الشمعة فإنها تتشكل بأشكال مختلفة من غير فصل ووصل فليس يلزم من استناد الشكل العارض للصورة المجردة إلى سبب مغاير لنفس الجسمية وكونها قابلة لشكل آخر استقلالها بقبول الفصل والوصل كما زعمتم ولا يجاب عن هذا المنع بأن ذلك أي قبول تبدل الأشكال يقتضي لا محالة القسمة الوهمية إذ لا يتصور تبدل شكل فيما لا يمكن أن يفرض فيه شيء غير شيء وتفضي القسمة الوهمية كما مر إلى القسمة الانفكاكية ويلزم المحال المذكور لأنا نقول لو كفى ذلك في دفع المنع لاستقل بالدلالة على المطلوب بأن يقال لو فارقت الصورة المادة لكانت قابلة للقسمة الوهمية المفضية إلى الانفكاكية فيلزم استقلال الجسمية بقبول الفصل والوصل وقد أبطلناه وعلى هذا فكأن هذه المقدمات المذكورة في دليلكم كلها ضائعة لا حاجة إليها ويمكن الجواب عن هذا الذي قلناه بأنه لا ينافي حقية الكلام وصحة الدليل بمقدماته بل هو من قبيل تعيين الطريق الذي هو أقصر الثاني من الوجوه الثلاثة الصورة الجسمية لو خلت عن الهيولى وقامت بذاتها لاستغنت في نفسها عن المحل فلا تحل فيه أصلا لكنها حالة فيه فلا يجوز حلولها عنه وقد عرفت جوابه الثالث من تلك الوجوه أن يقول على تقدير أن يجوز خلو الصورة
(٣٨٢)