المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٩
لو كان قائما بذاته لكان التفريق إعداما له بالكلية وهذا الذي قرره في إثبات الهيولى هو مسلك الانفصال ثم شرع في مسلك الانفصال فقال تنبيه وربما قالوا في إثبات الهيولى الجسم له قوة وفعل وذلك لأن كل جسم فهو من حيث جسميته موجودة بالفعل ومن حيث أنه مستعد لأعراض كثيرة متصف بالقوة والبسيط لا يكون كذلك لأن الواحد من حيث هو واحد لا يقتضي قوة وفعلا لامتناع اجتماعهما فيه وهو مردود لجواز أن يتصف الواحد بهما بالنسبة إلى شيئين إنما الممتنع اجتماعها بالنسبة إلى شيء واحد ألا ترى أن الهيولى موجودة بالفعل وقابلة للصور المتعددة فهي بالقوة في بعضها قطعا وربما استعانوا في إثبات الهيولى بالتخلخل والتكاثف الحقيقيين فإنه إذا لم يكن في الجسم أمر غير متقدر بذاته حتى يتصور قبوله للمقادير المختلفة امتنع ازدياد حجمه وانتقاصه من غير انضمار شيء إليه وانفصاله عنه وجوابه أن الصورة الجسمية وإن كانت مستلزمة في الوجود والتعقل للمقدار إلا أنها لا تستلزم مقدارا مخصوصا فجاز أن تكون هي قابلة لتلك المقادير المختلفة فلا يثبت وجود أمر آخر والكون والفساد أي وربما استعانوا بهما أيضا إذ لا بد فيهما من أمر يخلع صورة ويلبس أخرى وهو الهيولى وفساده ظاهر لأن المتبدل في الكون الفساد هو الصور النوعية فجاز أن يكون القابل لها خلعا ولبسا هو الصورة الجسمية على أنا نقول وجود هذه الأمور التي استعين بها مبني على وجود الهيولى فيلزم الدور المعتمد عند المتكلمين في نفي الهيولى أنها على تقدير وجودها إما أن يكون لها حصول في الحيز أو لا يكون فإن كان لها حصول فيه فإما أن يكون ذلك الحصول على سبيل الاستقلال فجسم أي فالهيولى جسم لأن المتحيز بالذات لا بد أن يكون جوهرا ممتدا في الجهات ولا معنى للجسم إلا ذلك وأيضا فالصورة الجسمية حينئذ مثل لها
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»