المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٣
عن المادة نفرض الكل تفارقه صورته قبل التجزئة وبعدها فإن كان لا تميز ثمة بين صورة الكل وصورة الجزء فالشيء مع غيره كهو لا معه وإن كان بينهما تميز وقد عرفت في مباحث التعين أنه لا تميز ولا تعدد بين الأمثال أي بين أفراد ماهية نوعية إلا بالمادة وعوارضها فهي أي الصورة الجسمية مقارنة بالمادة حين ما فرضت مجردة عنها هذا خلف وقد عرفت ما فيه من أنه مبني على عدم القادر المختار وأن تمايز الأمثال معلل بالمادة وكلاهما ممنوعان فلا نكرره رابعها أي رابع تفريعات الهيولى وتركب الجسم منها ومن الصورة قد علمت في مباحث الماهية أنه لا بد في الماهية الحقيقية المركبة من احتياج أحد الجزئين إلى الآخر فقط أو احتياج كل منهما إلى صاحبه على وجه لا يلزم منه دور وحينئذ فلا بد بين جزئي الجسم من حاجة وأما كيفية تلك الحاجة فاعلم أن الهيولى ليست علة للصورة وإلا لتم لها أي للهيولي وجود قبل وجود الصورة لأن العلة متقدمة بالوجود على معلولها لكنا قد بينا أن المادة لا تكون بالفعل إلا بسبب الصورة لأن الشيء الواحد لا يكون متصفا بالقوة والفعل معا وقد عرفت فساده فلا نعيده وأيضا لو كانت الهيولى علة للصورة لاجتمع فيها أي في الهيولى القبول والفعل بالنسبة إلى شيء واحد فإنها حينئذ فاعلة للصورة وقابلة لها وهو باطل وجوابه أنه مبني على أن البسيط لا يكون قابلا وفاعلا معا وقد علمت ما فيه وأيضا لا يجوز أن تكون الهيولى علة للصورة لأنها في حد ذاتها تقبل صورا لا نهاية لها فلا تكون علة للمعينة أي لا تكون علة لمعينة من تلك الصور حتى يكون حصولها في الهيولى أولى من حصول غيرها دفعا للتحكم بل ليس للمادة إلا مجرد القبول وأما سبب حصول الصورة المعينة فيها فأمر آخر ولا الصورة أي وليس الصورة أيضا علة للهيولي لأنها حالة فيها
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»