المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٤٦
وقال الأستاذ أبو إسحاق إنه أي المنام إدراك حق بلا شبهة إذ لا فرق بين ما يجده النائم من نفسه في نومه من إبصار للمبصرات وسمع للمسموعات وذوق للمذوقات وغيرها من الإدراكات وبين ما يجده اليقظان في يقظته من إدراكاته فلو جاز التشكيك فيه أي فيما يجده النائم لجاز التشكيك فيما يجده اليقظان ولزم السفسطة والقدح في الأمور المعلومة حقيقتها بالبديهة ولم يخالف الأستاذ في كون النوم ضدا للإدراك لكنه زعم أن الإدراك يقوم بجزء من أجزاء الإنسان غير ما يقوم به النوم من أجزائه فلا يلزم اجتماع الضدين في محل واحد وقال الحكماء المدرك في النوم يوجد في الحس المشترك وذلك أن الحس المشترك مجمع المحسوسات الظاهرة فإن الحواس الظاهرة إذا أخذت صور المحسوسات الخارجية وأدتها إلى الحس المشترك صارت تلك الصور مشاهدة ثم أن القوة المتخيلة التي من شأنها تركيب الصور إذا ركبت صورة فربما انطبعت تلك الصورة في الحس المشترك وصارت مشاهدة على حسب مشاهدة الصور الخارجية فإن الخارجية لم تكن مشاهدة لكونها صورة الخارجية بل لكونها مرتسمة في الحس المشترك ومن طباع القوة المتخيلة التصوير والتشبيح دائما حتى لو خليت وطباعها لما فترت عن هذا الفعل أعني رسم الصور في الحس المشترك إلا أن هناك أمرين صارفين لها عن فعلها أحدهما توارد الصور من الخارج على الحس المشترك فإنه إذا انتقش بهذه الصور لم يتسع لانتقاشه بالصور التي تركبها المتخيلة فيعوقها ذلك عن عملها لعدم القابل
(١٤٦)
مفاتيح البحث: النوم (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»