المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٤٧
وثانيهما تسلط العقل أو الوهم عليها بالضبط عندما يستعملانها فتتعوق بذلك عن عملها وإذا انتفى هذان الشاغلان أو أحدهما تفرعت لفعلها وظهر سلطانها في التصوير ولا شك أن الشخص إذا نام انقطع عن الحس المشترك توارد الصور من الخارج فيتسع لانتقاش الصور من الداخل إذا عزفت هذا فنقول ما يدركه النائم ويشاهده صور مرتسمة في الحس المشترك موجودة فيه ويكون ذلك أي وجدانه في الحس المشترك وارتسامه فيه على وجهين الأول أن يرد ذلك المدرك عليه أي على الحس المشترك من النفس الناطقة وهي تأخذه من العقل الفعال فإن جميع صور الكائنات من الأزل إلى الأبد مرتسم فيه بل في جميع المبادئ العالية والملائكة السماوية ومن شأن النفس الناطقة أن تتصل بتلك المبادئ اتصالا معنويا روحانيا وتنتقش ببعض ما فيها مما كان أو سيكون أو هو كائن إلا أن استغراقها في تدبير بدنها يعوقها عن ذلك فإذا حصل لها بالنوم أدنى فراغ فربما اتصلت بها فارتسم فيها ما يليق بها من أحوالها وأحوال من يقرب منها من الأهل والولد والإقليم والبلد حتى لو اهتمت بمصالح الناس رأتها ولو كانت منجذبة الهمة إلى المعقولات لاحت لها أشياء منها ثم إن ذلك الأمر الكلي المنتقش في النفس يلبسه ويكسوه الخيال أي القوة المتخيلة لما جبل الخيال عليه من المحكاة والانتقال من شيء إلى آخر مشابه له بوجه ما ومن التفصيل بين الأشياء المتصلة والتركيب بين الأمور المتفاصلة على وجوه مختلفة وأنحاء شتى صورا أي يلبسه صورا جزئية إما قريبة من ذلك الأمر الكلي أو بعيدة منه فيحتاج في معرفة ما ارتسمت في النفس على الوجه الكلي إلى التعبير وهو أن يرجع المعبر رجوعا قهقريا مجردا له أي لما رآه النائم عن تلك الصور التي صورها المتخيلة حتى يحصل المعبر بهذا التجريد إما بمرتبة أو
(١٤٧)
مفاتيح البحث: النوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»