المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ١٤٣
وقال الأستاذ إنه إدراك حق إذ لا فرق بين ما يجده النائم من نفسه من إبصار وسمع وبين ما يجده اليقظان فلو جاز التشكيك فيه لجاز التشكيك فيما يجده اليقظان ولزم السفسطة ولم يخالف في كون النوم ضدا لكنه زعم أن الإدراك يقوم بجزء غير ما يقوم به النوم وقال الحكماء المدرك في النوم يوجد في الحس المشترك ويكون ذلك على وجهين الأول أن يرد عليه من النفس وهي تأخذه من العقل الفعال فإن جميع الصور الكائنات مرتسم فيه ثم يلبسه الخيال لما جبل عليه من الانتقال والتفصيل والتركيب صورا إما قريبة أو بعيدة فيحتاج إلى التعبير وهو أن يرجع المعبر قهقريا مجردا له عن تلك الصور حتى يحصل ما أخذته النفس فيكون هو الواقع وقد لا يتصرف فيه الخيال فيؤديه كما هو بعينه فيقع من غير حاجة إلى التعبير الثاني أن يرد عليه إما من الخيال مما ارتسم فيه في اليقظة ولذلك فإن من دام فكره في شيء يراه في منامه وإما مما يوجبه مرض كثوران خلط أو بخار ولذلك فإن الدموي يرى في حلمه الأشياء الحمر والصفراوي النيران والأشعة والسوداوي الجبال والأدخنة والبلغمي المياه والألوان البيض وهذا بقسميه من قبيل أضغاث الأحلام لا يقع هو ولا تعبيره فروع للمعتزلة الأول اختلفوا فيمن يتمكن من حمل مائة من فقط ولا يتمكن من حمل مائة أخرى معها فقيل عاجز عن حملها وقيل لا يوصف بالعجز ولا بالقدرة وقيل قادر على حمل إحداهما من غير تعيين والكل مناقض لأصلهم في تعلق القدرة بجميع المقدورات فإن قيل مذهبنا أن لا تتعلق في وقت في محل من جنس بأكثر من واحد قلنا المحل المحمول وهو مختلف
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»