لأنا نقول كلاهما محتمل وإذا لم يقم دليل على أحدهما كان الاحتمال باقيا وفي نقد المحصل أن القدرة إن فسرت بسلامة الأعضاء فالعجز حينئذ عبارة عن آفة تعرض للأعضاء وتكون القدرة أولى بأن لا تكون وجودية لأن السلامة عدم الآفة وإن فسرت القدرة بهيئة تعرض عند سلامة الأعضاء وتسمى بالتمكن أو بما هو علة له وجعل العجز عبارة عن عدم تلك الهيئة كانت القدرة وجودية والعجز عدميا وإن أريد بالعجز ما يعرض للمرتعش وتمتاز به حركة الارتعاش عن حركة الاختيار فالعجز وجودي ولعل الأشاعرة ذهبوا إلى هذا المعنى فحكموا بكونه وجوديا ثم قال الشيخ أبو الحسن الأشعري في الأصح من قوليه العجز إنما يتعلق بالموجود دون المعدوم على قياس القدرة فالزمن عاجز عن القعود الموجود لا عن القيام المعدوم فإن التعلق بالمعدوم خيال محض لا عبرة به أصلا وأختار على هذا القول أن العجز لا يسبق المعجوز عنه ولا يتعلق بالضدين على نحو ما ذكره في القدرة وله قول ضعيف هو أنه أي العجز إنما يتعلق بالمعدوم دون الموجود وإليه ذهب المعتزلة وكثير من أصحابنا وعلى هذا فالزمن عاجز عن القيام المعدوم لا عن القعود الموجود وإن كان مضطرا إليه بحيث لا سبيل له إلى الانفكاك عنه وجواز تعلقه أي تعلق العجز بالضدين فرع ذلك أي يجوز على هذا القول تعلق الهجز الواحد بالضدين وإن لم يجز تعلق القدرة الواحدة بهما وذلك لأن العجز متعلق بالعدم ويجوز اجتماع الضدين فيه والقدرة متعلقة بالوجود ولا يجوز اجتماعهما فيه وكذا يتقدم العجز على المعجوز عنه في هذا القول وأما على القول الأول فلا سبق ولا تعلق بالضدين كما عرفت معتمد القول الأول الذي هو الأصح أنه أي العجز ضد القدرة في جهة التعلق فمتعلقها واحد وإلا لما تضادا في التعلق والقدرة متعلقة بالموجود كما مر فيكون العجز متعلقا به أيضا ونظير ذلك
(١٤٠)