المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٧٢
احتج الحكماء على امتناع المكان الخالي عن الشاغل سواء كان بعدا مفروضا أو موجودا بوجوه ثلاثة الأول أنه لو وجد الخلاء فلنفرض حركة ما إرادية أو قسرية أو طبيعية في مسافة خالية فهي في زمان لأن كل حركة إنما هي على مسافة منقسمة فقطع بعضها مقدم على قطع كلها فلا يتصور وقوعها في آن بل في زمان وليكن ذلك الزمان ساعة ولنفرض حركة أخرى مثلها أي مساوية للأولى في القوة المحركة والجسم المتحرك ومقدار المسافة في ملء غليظ القوام كالماء فتكون هذه الحركة الثانية في زمان أكثر من زمان الحركة الأولى ضرورة وجود المعاوق الذي يقتضي بطء الحركة المستلزم لطول الزمان ولتكن الحركة الثانية في عشر ساعات مثلا ونفرض حركة ثالثة مثلها أي مثل الأولى أيضا في القوة المحركة والجسم المتحرك مقدار المسافة في ملء آخر رقيق كالهواء قوامه عشر قوام الملء الأول فتكون هذه الحركة الثالثة في ساعة أيضا كالحركة الأولى لأن تفاوت الزمان في الحركات إنما هو بحسب تفاوت المعاوق فكلما كان المعاوق أكثر كانت الحركة أبطأ والزمان أطول وكلما كان أقل كانت الحركة أسرع والزمان أقصر وهو أي المعاوق القوام يعني قوام الجسم المالىء للمسافة الذي يخرقه المتحرك فإن كان المعاوق عشرا من معاوق آخر كالملء الثاني بالقياس إلى الملء الأول كان الزمان الواقع بإزاء المعاوق الأقل عشرا أيضا من زمان المعاوق الأكثر كما في مثالنا هذا وإذا ثبتت هذه المقدمات لزم أن تكون الحركة في الخلاء مع أنه لا معاوق عن الحركة في هذه المسافة والحركة في الملء الرقيق وهو معاوق عن الحركة فيه لاحتياج المتحرك إلى خرقه ودفعه كلاهما في
(٥٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 567 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 ... » »»