المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٥١
قابلة له بنفوذه فيها دون الجواهر المجردة فهو الجزء الصوري للأجسام فهذان القولان إن حملا على هذا الذي ذكرناه فقد رجعا إلى ما سيأتي في مذهبه وإلا فلا اعتداد بهما لظهور بطلانهما وإنما الاشتباه في أن المكان هو البعد أو غيره فشرع يتكلم عليه فقال ثم الجسم منطبق على مكانه الحقيقي ليس زائدا عليه مالىء له ليس ناقصا عنه بحيث لا يخلو شيء من مكانه عنه والمكان محيط به أي هوى بتمامه في المكان ليس شيء منه خارجا عنه ولهذا ينسب إليه بكلمة في مملوء منه كما ذكرناه وقد عرفت أنه يجوز انتقاله عنه ولا يتصور ذلك المذكور من حال الجسم ومكانه بالقياس إلى صاحبه إلا بالملاقاة بينهما وتلك الملاقاة إما بالتمام بحيث إذا فرض جزء من المتمكن يفرض بإزائه جزء من المكان وبالعكس فيتطابقان بالكلية وتسمى الملاقاة على هذا الوجه المداخلة فيكون المكان على هذا التقدير هو البعد الذي ينفذ فيه الجسم وينطبق البعد الحال فيه على ذلك البعد في أعماقه وأقطاره وإما لا بالتمام بل بالأطراف أي تكون أطراف الجسم ملاقية لمكانه دون أعماقه وتسمى الملاقاة على هذا الوجه المماسة فيكون المكان حينئذ هو السطح الباطن للحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي فإذن المكان إما البعد وإما سطح الحاوي لا ثالث لهما فإذا بطل أحدهما تعين الثاني والبعد إما موجود أو مفروض موهوم فهذه ثلاثة احتمالات لا رابع لها وتوضيح ذلك بما لا مزيد عليه أن يقال لما كان الجسم بكليته في مكانه مالئا له لم يجز أن يكون المكان أمرا غير منقسم لاستحالة أن يكون المنقسم في جميع جهاته حاصلا بتمامه لا ينقسم ولا أن يكون أمرا منقسما في جهة واحدة فقط كالخط مثلا لاستحالة كونه محيطا بالجسم بكليته فهو إما منقسم من جهتين أو في الجهات كلها وعلى الأول يكون المكان سطحا عرضيا لامتناع الجزء وما في حكمه ولا يجوز أن يكون حالا في المتمكن لما مر
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»