المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٥٨
الطاس أقل مما بين طرفي سور المدينة بالضرورة ولا شيء من المعدوم بمقتدر ومتفاوت لا يقال ذلك التقدر والتفاوت أمر فرضي فإن العقل يلاحظ وقوع شيء فيما بين طرفي الطاس ويحكم بأنه أقل من الواقع فيما بين طرفي السور فرضا ويقدر كل واحد من الواقعين المفروضين بالتصنيف والتثليث وغيرهما فلا يلزم حينئذ وجود البعد فيما بين أطرافهما لأنا نقول نحن نعلم بالضرورة أن التفاوت بينهما حاصل مع قطع النظر عن ذلك الفرض وكذا الحال في قبول التقدير وإما أنه أي المكان هو البعد فلأنه لو لم يكن البعد لكان هو السطح لما مر من أنه لا يخرج منهما وأنه أي كون المكان هو السطح باطل لوجوه الأول أن لكل جسم مكانا بالضرورة فلو كان المكان هو السطح لوجب أن يكون كل جسم محفوفا بجسم آخر أو بأجسام متعددة وأيا ما كان فوراء كل جسم جسم آخر فيلزم عدم تناهي الأجسام وسنبطله لا يقال لا نسلم لزوم لا تناهي الأجسام بل تنتهي إلى جسم لامكان له فإن المحدد للجهات المحيط بما سواه من الأجسام عندنا ليس له مكان بل وضع فقط فإن حركته وضعية تقتضي تبدل الأوضاع دون الأمكنة لأنا نقول كل جسم فهو متحيز مشار إليه بهنا وهناك ضرورة والحيز هو المكان وكذا المشار إليه بلفظ هنا وهناك وليس إلا المكان وكل جسم في مكان فوجب أن المكان عبارة عن البعد ليعم الأجسام كلها دون السطح لاستلزامه أن لا تكون الأجسام متناهية أو أن لا يكون الجسم المحيط بما عداه من الأجسام في مكان والثاني باطل بالضرورة كما ذكرنا وبالاتفاق أيضا أليس الحكماء لما أثبتوا الحيز الطبيعي للأجسام قالوا نحن نعلم بالضرورة أن كل جسم لو خلي وطبعه لكان في حيز فقد اعترفوا بأن كل جسم يجب أن يكون في مكان وحكموا بذلك هناك وبنوا عليه إثبات
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»