مادته بل هو قائم بنفسه فهناك بعدان مادي ومجرد قد نفذ أحدهما في الآخر وتداخلا وامتناع ذلك أي امتناع النفوذ والتداخل بين البعد المادي والبعد المجرد ممنوع ودعوى الضرورة غير مسموعة للتخالف في الحقيقة لما عرفت من تنافي لازميهما أعني جواز المفارقة وامتناعها وإن اشتركا في كونهما بعدا إنما الممتنع بالضرورة نفوذ المادي في المادي وتداخلهما ومنه أي ومما ذكرنا من حال هذين البعدين المتداخلين يعلم أنه لا يلزم من جواز تداخلهما جواز كون الذراع الواحد ذراعين ولا كون شخص واحد شخصين فإنه أي الذراع عبارة عن البعد الحال في المادة والتداخل في الأبعاد المادية محال وإن جاز ذلك بين المادي والمجرد وبهذا يعلم أيضا أنه لا يلزم تجويز تداخل العالم في حيز خردلة وأن البعد المجرد ليس متحيزا بذاته حتى يقتضي انفراده بحيز كالمادي بل المجرد هو الحيز نفسه وأنه لا يلزم اجتماع المثلين لأن البعدين متخالفان في الحقيقة مع أن أحدهما حال في المادة دون الآخر وبالجملة فالأدلة المذكورة على امتناع تداخل بعد الجسم والبعد الذي هو المكان فرع تماثل البعدين المادي والمجرد ولا يقول به عاقل لأن أحدهما قائم بغيره والآخر قائم بنفسه فكيف يتصور تساويهما في تمام الحقيقة فروع على كون المكان سطحا فإنه اللازم من بطلان كونه بعدا كما تحققته الأول المكان قد يكون سطحا واحدا كالطير في الهواء فإن سطحا واحدا قائما بالهواء محيط به أو أكثر من سطح واحد كالحجر الموضوع على الأرض فإنه أي مكانه أرض وهواء يعني أن سطح مركب من سطح الأرض الذي تحته وسطح الهواء الذي فوقه الثاني من تلك الفروع أنه قد تتحرك السطوح كلها كالسمك في الماء الجاري فإن إذا كان في وسط الماء الجاري كان السطح المحيط به
(٥٥٦)