المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٤٦
الجانبان مستغنيين عن الزمان وإن كانا مقارنين له فهذه معان معقولة متفاوتة عبر عنها بعبارات مختلفة تنبيها على تفاوتها وإذا تؤمل فيها اندفع ما ذهب إليه أبو البركات من أن الزمان مقدار الوجود حيث قال إن الباقي لا يتصور بقاؤه إلا في الزمان وما لا يكون حصوله إلا في الزمان ويكون باقيا لا بد أن يكون لبقائه مقدار من الزمان فالزمان مقدار الوجود الثاني أن الحركة كما مر تقال للكون في الوسط أعني ما بين المبدأ والمنتهى وهو أي الكون في الوسط أمر مستمر من المبدأ إلى المنتهى ولو كان الزمان مقداره كان ثابتا مثله فلا يكون مقدارا غير قار كما ذهبتم إليه ويقال أيضا للممتدة من المبدأ إلى المنتهى ولا وجود لها في الخارج اتفاقا وبالضرورة أيضا كما مر فلو كان الزمان مقدارها لم يوجد الزمان في الخارج أصلا فلا يكون مقدارا موجودا في الخارج قائما بالحركة كما هو مذهبكم وقد سبق ما يتعلق بالتقصي عن هذا الوجه فتذكر وخامسها أي خامس المذاهب في حقية الزمان مذهب الأشاعرة وهو أنه متجدد معلوم يقدر به متجدد مبهم إزالة لإبهامه وقد يتعاكس التقدير بين المتجددات فيقدر تارة هذا بذاك وأخرى ذاك بهذا وإنما يتعاكس بحسب ما هو متصور ومعلوم للمخاطب فإذا قيل مثلا متى جاء زيد يقال عند طلوع الشمس إن كان المخاطب الذي هو السائل مستحضرا لطلوع الشمس ولم يكن مستحضرا لمجيء زيد كما دل عليه سؤاله ثم إذا قال غيره متى طلع الشمس يقال حين جاء زيد لمن كان مستحضرا لمجيء زيد دون طلوعها الذي سأل عنه ولذلك أي لأن الزمان متجدد معلوم يقدر به متجدد مبهم اختلف الزمان بالنسبة إلى الأقوام فيقدر كل واحد منهم المبهم بما هو معلوم عنده فيقول القارئ
(٥٤٦)
مفاتيح البحث: مدرسة الأشاعرة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»