المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٥٤٠
مجرد عن المادة لا جسم مقارن لها لا يقبل العدم لذاته فيكون واجبا بالذات وإنما قلنا إن الزمان لا يقبل العدم لذاته إذ لو عدم لكان عدمه بعد وجوده بعدية لا يجامع فيها البعد القبل وذلك المذكور هو البعدية بالزمان لما سلف من أن البعدية لا بالزمان يجامع فيها البعد القبل فمع عدم الزمان زمان فيكون الزمان موجودا حال ما فرض معدودما هذا خلف وإذا قد لزم من فرض عدمه وجوده كان عدمه محالا لذاته فيكون وجوده واجبا وإذا ثبت أن الزمان واجب الوجود لذاته ثبت أنه جوهر قائم بذاته مجرد عن شوائب المادة وهو المطلوب ثم إن حصلت الحركة فيه ووجدت لأجزائها نسبة إليه سمي زمانا وإن لم توجد الحركة فيه سمي دهرا وجوابه أي جواب دليل هذا المذهب من وجوه الأول أن هذا الذي استدللتم به ينفي انتفاء الزمان وهو طريان العدم عليه بعد وجوده ولا ينفي عدمه ابتداء بأن لا يوجد أصلا لأنه لا يصدق أن يقال لو عدم الزمان أصلا ورأسا لكان عدمه بعد وجوده بعدية لا يجامع فيها البعد القبل حتى يلزم اجتماع وجوده وعدمه معا إنما يلزم هذا المحال على تقدير عدمه بعد وجوده وعلى تقدير وجوده بعد عدمه أيضا فالممتنع على الزمان هو العدم الذي يكون بعد وجوده والعدم الذي يكون قبل وجوده والعدم بعد الوجود أو قبله أخص من العدم المطلق فلا يوجب امتناعه امتناعه لأن العدم المطلق له فرد آخر هو العدم المستمر الذي ليس مسبوقا بالوجود ولا سابقا عليه وهذا الفرد منه ليس ممتنعا على الزمان فلا يكون واجب الوجود لذاته الوجه الثاني من وجوه الجواب عن وكل ذلك الدليل هو النقض بأن يقال قولكم إن عدمه بعد وجوده بعدية لا يجامع فيها البعد القبل بعدية كذلك فهي بالزمان منقوض بتقدم أجزاء الزمان بعضها على بعض فإنه ليس بالزمان لما قلنا من لزوم التسلسل في الأزمنة المجتمعة المتطابقة فجاز أن يكون تقدم وجوده على عدمه أو تقدم عدمه على وجوده كذلك أي يكون التقدم والتأخر بين وجوده وعدمه وليس بالزمان
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»