الأربعين في الجهاد - المقرئ - الصفحة ٦٤
الحديث الخامس والعشرون أخبرنا عبد الأول بن عيسى الصوفي الشيخ الصالح أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد ببوشنج أخبرنا عبد الله بن أحمد أبو أحمد السرخسي أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر (1) بن العباس أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني يحيى بن أيوب عن هشام عن الحسن عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة الرجل ستين سنة " (1).

(١) في الأصل: " محمد "، وهو خطأ.
(٢) أخرجه ابن عساكر في " الأربعين في الحث على الجهاد " (١٣) عن مجموعة من مشايخه منهم شيخ المصنف عن عبد الرحمن بن محمد الداودي به، وهو في " سنن الدارمي " (٢٤٠١) بإسناده المذكور هنا.
وأخرجه البزار (١٦٦٦: الكشف) والطبراني في " الكبير " (١٨: ١٦٨) وفي " الأوسط " - كما في " مجمع الزوائد " (٥: ٣٢٦) - والحاكم (٢: ٦٨) والبيهقي في " سننه " (٩: ١٦١) وفي " الشعب " (٤: ١٥) جميعهم عن أبي صالح - عبد الله بن صالح - به.
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ". ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي: " فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: كذا في " المجمع ": وثقه أحمد وغيره "، ولعل الصواب: " ضعف أمره " أو " تكلم فيه " أو أي عبارة من عبارات الجرح، لأن أحمدا قال فيه: " كان أول أمره متماسكا، ثم فسد بآخره، وليس هو بشيء ". وقال عبد الله بن أحمد: " سمعت أبي يذكره يوما فذمه وكرهه "، وتراجع بقية أقوال العلماء فيه في ترجمته من " التهذيب " للمزي (١٥: ١٠١ - ١٠٦) و " التهذيب " لابن حجر (٥: ٢٥٦ - ٢٦١)، ولخص الأقوال فيه بقوله في " التقريب " (٣٣٨٨): " صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ".
ولكن إعلال الحديث به مما لا ينبغي، فقد بين الحافظ في مقدمة " الفتح " (ص ٤١٤) أن حديثه كان في أول أمره مستقيما، ثم طرأ عليه فيه تخليط، فما جاء من رواية أهل الحذق مثل ابن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم فهو من صحيح حديثه، وهذا منها - إلا أن يعل بعلة أخرى - فقد رواه عنه الإمام البخاري عند ابن أبي عاصم في " الجهاد " (139).
وفي إسناده الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - الراوي عن عمران، وقد تكلم في سماعه من عمران، وجزم ابن المديني وأبو حاتم بعدم سماعه من عمران كما في " الجرح والتعديل " (3: 40 - 41) و " التهذيب " للمزي (6: 122).
وعلى كل فهو مدلس، ولا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بسماعه ممن يروي عنه.
وهشام هو ابن حسان قال عنه ابن حجر في " التقريب " (7289): " ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما ".
وقال البزار تلو رواية للحديث: " لا نعلم رواه بهذا اللفظ، إلا عمران بن حصين، ولا نعلم له طريقا أحسن من هذا، ولا رواه عن يحيى إلا أبو صالح، ولا عن هشام إلا يحيى، ولا يعرف [إلا] من حديث هشام، ويحيى ثقة، وأبو صالح، فقد روى عنه أهل العلم ".
ثم نقل عنه الهيثمي (1667 - كشف الأستار) أنه قال: حدثنا عمرو بن مالك حدثنا يحيى بن سليم حدثنا إسماعيل بن سليمان المكي قال: سمعت الحسن يحدث عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لموقف رجل في صف في سبيل الله أفضل من عبادته في بيته ستين سنة ".
وأخرجه كذلك الطبراني (18: 180) والعقيلي في " الضعفاء " (1: 86) والخطيب في " تاريخ بغداد " (10: 295) من طرق عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن عبيد الله بن سلمان المكي به.
وبذلك تعرف خطأ ما ورد في إسناد البزار من ذكر " إسماعيل بن سليمان " فهو " سلمان " وكذلك ما ورد في كلام البزار نفسه أنه لم يعرف إلا من حديث هشام!!!.
وقال العقيلي بعد ذكره لحديث آخر تلو هذا الحديث: " الحديثان جميعا غير محفوظان ".
وقال الذهبي في " الميزان " (1: 238) في ترجمة إسماعيل: " لا يعرف "، ونقله عنه ابن حجر في " اللسان " (1: 419) ثم بين أن ابن أبي حاتم ترجم لإسماعيل وأنه لم يذكر فيه لا جرحا ولا تعديلا، وأن ابن حبان ذكره في " الثقات ".
قلت: فعلى تجهيل الذهبي لإسماعيل يقوم تضعيف هذا الإسناد دون الالتفات إلى توثيق ابن حبان لكونه متساهلا كما هو معلوم، وفي الإسناد كذلك يحيى بن سليم، وهو صدوق سئ الحفظ، وفيه علة العنعنة من الحسن كما تقدم.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أحمد (2: 446، 524) والترمذي (1650) والبزار (1652 - كشف) والحاكم (2: 68) والبيهقي في " سننه " (9: 160) وفي " الشعب " (4: 15) من طرق عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبي هريرة مرفوعا به.
ولفظ البزار: " مقام أحدكم في سبيل الله خير له من مقامه في بيته ستين عاما أو كذا عاما "، وورد في " جامع الترمذي ": " سبعين ".
وقال الترمذي: " حسن "، وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ". ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في " المجمع " (5: 279 - 280) وقال: " رواه البزار ورجاله ثقات ".
قلت: هشام بن سعد فيه مقال، ولكنه حسن الحديث، وهو ليس على شرط مسلم بل روى له متابعة، وفيه كذلك عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، وهو من رواة أبي داود والترمذي والنسائي، ولم يرو له مسلم، فلذلك فلا يصح أن يقال أن إسناد الحديث صحيح على شرط مسلم، بل الحديث إسناده حسن، والله أعلم.
تنبيه: وقع في سند الحديث عند الترمذي في " جامعه " - طبعة الحلبي - هكذا:
" عن سعد بن أبي هلال عن أبي ذباب ": وصوابه: " عن سعيد بن أبي هلال عن ابن أبي ذباب "، وهو على الصواب في نسخة شرحه " تحفة الأحوذي " (3: 14).
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 57 58 60 62 64 67 68 69 72 73 ... » »»