إفحام المخاصم - شيث بن إبراهيم - الصفحة ١٢٤
فصل يا من استبعد أن تكون أفعال العباد خلقا لبارئ العباد إنفرد بخلقها دون خلقه أتريد أن تشاهد خلق الله لها ضرورة ولا يلحقك شك ولا ارتياب في أن الله خالق أفعال العباد فقد أرشدك مولاك أن كنت تعقل فقال وفي أنفسكم أفلا تبصرون تأمل قراءتك القرآن وأنت تحفظه حفظا بليغا هل إذ قرأت تعرف نظم الكلم بعضها إلى بعض وضم الحروف بعضها إلى بعض حتى إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم تقصد الكلمة فتجعله حذاء الكلمة التي قبلها والحرف حذاء الحذف الذي قبله فتبتدئ بالباء ثم بالسين ثم بالميم قاصدا إلى ذلك حتى تنتهي إلى آخر ما تقرأه والله إنك لتعلم من نفسك وكل قارئ مثلك ذهولك أنه عن ترتيب الحروف والكلم شيئا فشيئا والدليل على ذلك وأنت تعلمه أنك تقرأ الآية والسورة وأنت ساه ذاهل لاه تأمل قولي لك قراءتك تجد ما قلته لك ونبهتك وهو عليه لا يعتريك فيه ريب ولا شك وإن غالطت نفسك وقلت أنا الذي أتى بالكلم وأرضفها صلى الله عليه وسلم وبالحروف وأنظمها إذا فالحس يكذبك والمشاهدة تخجلك فقال وهو إذا وقفت في أثناء محفوظاتك أي وتتحير فلا تعرف ما بعد الموقوف عليه ولا جرى لسانك بل كأنك لم تحفظه قط وربما قطعت القراءة وركعت ثم أخذت المصحف فتنظر الكلمة التي غربت عليك فتخرجها ثم تعود إلى قراءك ثنا أو استرشدت به قارئا إن كان حاضرا فإذا عرفك الآية أخذت تتعجب من نفسك وربا قرأتها مرة أخرى فوقفت عليها ولم يفتح لك بما بعدها كما وقفت أولا ثم تجتهد في أن تعرفها وتقول قد ردها علي فلان يوم كذا أو يلحقك هذا في أيسر السور المحفوظات ولا وقفت فيه قط لا سيما وقد جاء في تفسير قوله تعالى لا تحرك به لسانك الآية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل يقرئه القرآن يستعجل صلى الله عليه وسلم قصدا منه أن يضبطه ولا ينفلت منه فأوحى الله إليه لا تحرك به لسانك تتعجل به
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 » »»