فأمرنا بالعمل للقيام بحقوق التكليف والنهوض بحق امتثال الأوامر الشرعية والانكفاف عن الزواجر الواردة في الشريعة فإياك أن يختلط عليك ترك أحد التكليفين والاخلال بإحدى العبادتين فتقيم حقوق التكليف في الإيمان بالقدر إيمانا لا يتعارك فيه معه الشكوك في استدفاع ضرا واستجلاب سراء وندم على ترك الفعل لأجل فوات مطلوب فالتشكيك في شئ منه قادح في الإيمان بالقدر وإخلال بهذه الوظيفة من التكليف وإياك أن تقدم على المهالك أو تتعرض للمعاصي أو المعاطب للاستيناس بهذا الإيمان فتخل بالقيام بحقوق العبادة في الامتناع مما أوجب الشرع الامتناع منه فأعط كلا العبادتين حقها في الاعتقاد والتصديق وذلك في الاقدام والانزجار فحينئذ تكون قد نهضت بواجب الإيمان والطاعات وهذا المعنى هو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله اعملوا وسددوا وقاربوا فحث على القيام بحقوق التكليف في العمل ثم قال فكل ميسر لما خلق له كأنه يقول وإياك أن تظن انك لما أمرت بالتشديد والمقارنة إنما أمرت بذلك لتجري عليك المقادير بحسب هواك في استجلاب النفع ودفع الضرر ولكن تيقن ان الأمر يجري عليك بحسب إرادة الله سبحانه فيك وإجرائه قدره عليك بأن لا تيسر إلا لما خلقت له من خير أو شر ومعافاة أو بلاء أو إيمان أو كفر فاعرف هذه الجملة فهي مما يكثر غلط الخائضين في هذا الفن فيه سددك الله وأرشدك وشرح للإيمان صدرك ويسر لطاعته حركاتك وسكناتك وغفر لنا ولك ولسائر المسلمين والحمد لله وصلواته على محمد وآله وسلامه قال الشيخ الفقيه أبو القاسم رضي الله عنه مجموع ما اشتمل عليه هذا القول أن الله تعالى ألزم كل مكلف تكليفين وقال أحدهما اعتقاد وهو الإيمان بجريان القدر بحسب تقدير الله والثاني إقامة العبادات فلا تخل بالعبادات لأجل الاعتقاد ولا بالاعتقاد لإقامة العبادات فحينئذ يكون المكلف قد نهض بوظيفة التكليفين وقام بحقوق العبادتين هذا آخر كلام الفقيه يرحمه الله
(١٢٣)