وقال (قيس بن الخطيم):
وكنت امرأ لا أسمع الدهر سبة * أسب بها إلا كشفت غطاءها متى يأت هذا الموت لم تبق حاجة * لنفسي إلا قد قضيت قضاءها فانظر جودة هذا الكلام وحسنه وقد دل ظاهره على مبادرة اللذة بالفوت والأخذ منها قبل مفارقتها، وإنما أراد قائلها أنه شفى نفسه بدرك ثأره والاعتلاء على أعدائه وهو حكمة في معناه، وخير منه وأفضل قول (الصلتان العبدي):
نروح ونغدو لحاجاتنا * وحاجة من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاته * وتبقى له حاجة ما بقي فانظر أين موقع هذا الكلام إذا اعتبر ومقداره إذا وزن؟ والحاجة ما يشتمل عليه الصدر، فأخبر أن الإنسان لا تتناهى به الحال إلى أن يبلغ أقصى بغيته فيقضي من الحياة نهمته، ويستوفي منها شهوته، وإنه رهين بما يحاول وغير بالغ جميع ما يؤمل، وإن طالت أيامه وامتد عمره.
والآخذ يقول قيس هو الحامل لشر الحكمتين.