وهذا مثل لمن شهد الجمعة بجسمه ول يشهدها بقلبه. فجهل ما يجوز من ثوابها بحضوره إذا أنصت واستمع ولم يلغ. فهو كالحمار الذي لا يعقل وقال الله تعالى:
(مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار) وضرب الله هذا مثلا للذين حملوا التوراة ولم يحملوها ما فيها من الأوامر والنواهي فصاروا بمنزلة من لم يحملها لعدم الانتفاع بها، وخص الحمار بهذا المثل لأن المذموم عند العرب من الدواب والغاية فيما يستبهم، وهم يقولون للإنسان المذموم كأنه حمار، أو كأنه عير.
أنشدنا ابن عرفة أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:
دفعت إلى شيخ بجنب فنائه * هو العير إلا أنه يتكلم وقال (الفرزدق):
سواسية سود الوجوه كأنهم * حمير بني ذكوان إذ ثار صيقها والصيق: الغبار.
وضرب الله للمعرضين عن الذكر النائبين عنه مثل الحمير المستنفرة ممن يقسرها ويقهرها، قال: (كأنهم حمر مستنفرة. فرت من قسورة).