نزهة الناظر وتنبيه الخاطر - الحلواني - الصفحة ٥٨
وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك - والله - الأقلون عددا الأعظمون قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته، حتى يودعوها [نظراء هم، ويزرعوها في قلوب أشباههم] (1) هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة (2) وباشروا روح (3) اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا ما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، الدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم (4) انصرف [يا كميل] (5) إذا شئت (6). 41 - ومن جملة وصيته للامام الزكي أبى محمد الحسن بن علي عليهما السلام:
يا بنى إني لما رأيتك قد بلغت سنا، ورأيتني أزداد وهنا، أردت بوصيتي إياك خصالا منهن، إني خفت أن يعجل بي أجلى قبل أن أفضى (7) إليك بما في نفسي وأن أنقص في رأى كما نقصت في جسمي، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، فان قلب الحدث كالأرض الخالية ما القى فيها من شئ إلا قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو (8) قلبك، ويشتغل لبك، لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤنة الطلب، وعوفيت

١) من بقية المصادر، وفى (أ) يودعها بدل يودعوها ٢) (أ، ب) الصبر بدل (البصيرة) وفى الأمالي والخصال والغارات: حقائق الأمور.
٣) (ب، ط) أرواح.
٤) (أ، ب) إليهم.
٥) من (ط) والنهج.
٦) رواه الصدوق في الخصال: ١ / ١٨٦ ح ٢٥٧، وفى كمال الدين ١ / ٢٨٩ ح ٢، من عدة طرق رواه في أمالي المفيد: ٢٤٧ ح ٣، وفى أمالي الطوسي: ١ / ١٩، وفى الغارات:
١
/ ١٤٧ بأسانيدهم إلى كميل بن زياد.
وأورده في نهج البلاغة: ٤٩٥ ح ١٤٧، وفى روضة الواعظين: ١٤ مرسلا.
وأخرجه في البحار: ١ / ١٨٧ ح ٤ وص ١٨٨ و ح ٥ وص ١٨٩ ح ٦ و ٧ عن الخصال وتحف العقول وأمالي الطوسي ونهج البلاغة.
7) (أ، ط) أمضى. أفضى: القى إليك.
8) (ب) يعتو.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»