جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٦١
طلبت العلم غلاما ثم سكنت به إداما قال لي علي بن يحيى وإداما ضيعة لابن شهاب على نحو ثمان ليال وقال محمد بن الحسن من كان عالما بالكتاب والسنة وبقول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما استحسن فقهاء المسلمين وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلى به ويقضي به ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه وجميع ما أمر به ونهى عنه فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل وسعه العمل بذلك وإن أخطاء الذي ينبغي أن يقول له به وقال الشافعي لا يقيس إلا من جمع آلات القياس وهي العلم بالأحكام من كتاب الله فرضه وأدبه وناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه وارشاده وندبه ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسليمن فإذا لم يكن سنة ولا اجماع فالقياس على كتاب الله فإن لم يكن فالقياس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فالقياس على قول عامة السلف الذين لا يعلم لهم مخالفا ولا يجوز القول في شيء من العلم إلا من هذه الأوجه أو من القياس عليها ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالما بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف واجماع الناس واختلافهم ولسان العرب ويكون صحيح العقل حتى يفرق بين المشتبه ولا يعجل بالقول ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه لأن له في ذلك تنبيها على غفلة ربما كانت منه أو تنبيها على فضل ما اعتقد من الصواب وعليه بلوغ غاية جهده والأنصاف من نفسه حتى يعرف من أين قال ما يقوله قال وإذا قاس من له القياس واختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أداه غليه اجتهاده والاختلاف على وجهين فما كان منصوصا لم يحل فيه الاختلاف وما كان يحتمل التأويل أو يدرك قياسا فذهب المتأول أو القياس إلى معنى يحتمل وخالفه غيره لم أقل أنه يضيق عليه ضيق الاختلاف في المنصوص قال أبو عمر هذا باب يتسع فيه القول جدا وقد ذكرنا منه كفاية وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم من اجتهاد الرأي والقول بالقياس على الأصول عند عدمها ما يطول ذكره وسترى منه ما يكفي في كتابنا هذا إن شاء الله وممن حفظ عنه إنه قال وأفتي مجتهدا رأيه وقايسا على الأصول فيما لم يجد فيه نصا من التابعين فمن أهل المدينة سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد وسالم ابن عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبو سلمة بن عبد الرحمن
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»