جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٥٧
الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال أكثر الناس يوما على عبد الله يسألونه فقال أيها الناس إنه قد أتى علينا زمان ولسنا نقضي ولسنا هناك فمن ابتلى بقضاء بعد اليوم فليقض بما في كتاب الله فإن أتاه ما ليس في كتاب الله ولم يقل فيه نبيه فليقض بما قضى به الصالحون فإن أتاه امر لم يقض به الصالحون وليس في كتاب الله ولم يقل فيه نبيه فليجتهد رأيه ولا يقولن إني أرى وأخاف فإن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات فدعوا ما يريبكم لمالا يريبكم قال أبو عمر هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم وأنه لا يجتهد إلا عالم بها ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف ولم يجز له أن يحيل على الله قولا في دينه لا نظير له من أصل ولا هو في معنى أصل وهو الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديما وحديثا فتدبره أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير قال حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هيثم قال حدثنا سيار عن الشعبي قال لما بعث عمر شريحا على قضاء الكوفة قال له انظر ما تبين لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يتبين لك فيه السنة فاجتهد رأيك حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن حازم قال حدثنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال من عرض له منه قضاء فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم فإن جاءه أمره ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قضى به الصالحون فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يقض به الصالحون فليجتهد رأيه فليقر ولا يستحي وهذا أوضح بيانا فيما ذكرنا لقوله فإن لم يحسن ومن لا علم له بالأصول فمعلوم أنه لا يحسن أخبرنا أبو عثمان سعيد بن عثمان قال حدثنا أبو عمر أحمد بن دحيم قال حدثنا أبو جعفر الدؤلي قال حدثنا أبو عبيد الله سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد قال سمعت ابن عباس إذا سئل عن شيء فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يكن في
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»